كلمة وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف وإجاباته على أسئلة وسائل الإعلام خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي عقب محادثاتهما، موسكو، 11 يوليو/ تموز 2023

1375-11-07-2023

السيدات والسادة المحترمون،

لقد أجرينا أنا وزميلي وصديقي العزيز، وزير خارجية عُمان، بدر البوسعيدي، محادثات مفصلة، بما في ذلك في تطوير للاجتماع الوزاري للحوار الاستراتيجي بين روسيا ومجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي انعقد أمس. وأكدنا التزامنا بالقرارات التي اتخذت في شكل بيان مشترك لوزراء روسيا ودول الخليج الست، وكذلك في شكل خطة عمل مشتركة للسنوات الخمس المقبلة. وأشرنا الى الدور الخاص الذي لعبته سلطنة عمان، بصفتها الرئيس الحالي لمجلس التعاون الخليجي، في تحقيق هذه النتائج، وفي تنظيم المباحثات، وفي تيسير التوصل إلى توافق في الآراء، والصياغات المقبولة عموما بشأن جميع جوانب العلاقات بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك في جميع اتجاهات تنسيق أعمالنا بشأن القضايا الإقليمية والدولية.

ثمة عدد من المشاكل التي تتطلب جهودا مشتركة، بما في ذلك بين روسيا والأصدقاء العرب. أنا اقصد ضمان الأمن في منطقة الخليج (الآن بعد أن قامت المملكة العربية السعودية بتطبيع علاقاتها مع إيران، والدول العربية الأخرى تتحرك أيضا في هذا الاتجاه)، والعمل على التسوية اليمنية – وتلك القضايا ذات الأهمية الخاصة لتهيئة الظروف لحل المشاكل الإنسانية والاقتصادية، وكذلك القضايا الأمنية. وعودة اللاجئين إلى الجمهورية العربية السورية والتقدم نحو تسوية سياسية. وهنا أيضا حصل تقدم، وتجلى أساسا في عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية، التي تعززت في مؤتمر القمة الذي عقدته الجامعة في جدة في أيار / مايو. وعدد من المجالات الأخرى التي تحظى باهتمام متزايد في المنطقة.

 ولكن وكما تعرفون، أولينا أمس اهتماما خاصا لمشكلة التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية، التي وصلت إلى طريق مسدود عميق وتتطلب اهتماما خاصا، وبذل جهود خاصة للتغلب على الركود الحالي. لدى أصدقائنا العرب أفكار ذات صلة، وقد طرحت روسيا أيضا بعض المبادرات. كما تهتم عدد من الدول الأخرى بإيجاد طريقة لاستئناف المفاوضات المباشرة بين فلسطين وإسرائيل والبدء في التحرك نحو التنفيذ الكامل لقرارات الأمم المتحدة القائمة، وتنفيذ مبادرة السلام العربية بشأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تتعايش في سلام وأمن مع إسرائيل، وكذلك مع جميع الدول الأخرى في المنطقة. وحتى الآن، لم نلاحظ مثل هذه الحركة. على العكس من ذلك، هناك محاولات لوضع كل قرارات الأمم المتحدة هذه في طي النسيان وترك الأمور، إلى حد كبير، تأخذ مجراها. وهذا أمر غير مقبول، وهنا نحن متضامنون تماما، كما هو الحال في معظم القضايا الأخرى، مع أصدقائنا العمانيين والعرب الآخرين.

وأود أن أسلط الضوء على الدور الخاص الذي تضطلع به عمان، التي تقدم خدمات وساطة حميدة في كثير من الحالات عندما تكون هناك حاجة إلى إجراء حوار مؤتمن غير معلن يهدف إلى خلق جو من الثقة. ونحن نقدر تقديرا عاليا هذا الدور الذي تضطلع به عُمان، مثل جميع البلدان الأخرى التي تواجه مثل هذه الحاجة.

ركزنا اليوم، على القضايا الثنائية، واستعرضنا جميع جوانب تعاوننا، وأشرنا إلى الحوار السياسي المؤتمن تقليديا الذي يجري على أعلى وأرفع المستويات، واتفقنا على مواصلته. وهناك خطط لتكملة الحوار السياسي بحوار بين برلمانينا. ويجري العمل على مثل هذه الأفكار المحددة، وستتجسد في المستقبل القريب. إنه لمن دواعي السرور أنه بعد فترة قصيرة من انخفاض حجم التبادل التجاري الثنائي أثناء انتشار عدوى فيروس كورونا، سار العام الماضي في اتجاه تصاعدي، وزاد بأكثر من 45 بالمائة. وحقق في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام نموا بأكثر من 50 بالمائة. وبرأينا المشترك ينبغي دعم هذا الاتجاه. إن الأرقام آخذة في الازدياد، فهي كبيرة، ولكن، بطبيعة الحال، إن إمكانات تعاوننا الاقتصادي أكبر بكثير.

وناقشنا اليوم إمكانية التعجيل بالنظر في مسألة تشكيل لجنة حكومية مشتركة للتعاون التجاري - الاقتصادي.  ويولي أصدقاؤنا العمانيون اهتماما خاصا للتعاون في مجال الأمن الغذائي وأمن الطاقة. ولديهم خطط ذات صلة. وسنكون سعداء بالمساهمة في تنفيذها.

وأكدنا التزامنا بمواصلة التعاون في إطار "أوبك +"، بما في ذلك تنفيذ جميع الاتفاقات التي تم التوصل إليها في هذا التنسيق. وناقشنا التبادلات الثقافية والإنسانية والتعليمية، والتي لديها أيضا فرص واعدة. ولا سيما، هناك اهتمام بتنظيم جولات للفرق الفنية الروسية، وربما تنظيم "مواسم روسية" واسعة النطاق في عُمان. وهناك أيضا اهتمام بإرسال معارض من متاحفنا الرائدة إلى عُمان.

أعتقد أن العلاقات بين بلدينا آخذة في الارتقاء. وآمل أن نتخذ في المستقبل القريب قرارات إضافية بشأن تيسير نظام التأشيرات، الذي سيسهل على الروابط السياحية ودوائر رجال الأعمال على حد سواء في إقامة تعاون أعمق وأكثر موضوعية.

 ومرة أخرى، أود أن أشكر السيد الوزير على اللقاء وعلى المفاوضات وأعطيه الكلمة.

سؤال: تعمل عمان بنشاط على مدار إل 15 عاما الماضية على إنشاء قاعدة حديثة مؤتمنة للاستثمار، خاصة في منطقة الدقم الصناعية، لكن مستوى الاستثمار الروسي لا يتناسب مع مستوى العلاقات الودية الثنائية. ما الذي برأيكم يمنع هذا التطور؟

لافروف: أوافق على أن إمكانات تعاوننا الاقتصادي أعلى بكثير من الأرقام المطلقة الحالية. ولكن، فإن المستويات الحالية تبدو رصينة لحد كاف.  في الوقت الحالي، أكثر من نصف مليار دولار، لكن هذا بعيد عن الحد الأقصى: القدرات أوسع بكثير. ونحن نشجع بمختلف الطرق شركاتنا التي تبدي اهتماما بالمنطقة. نحن نشجعهم على العمل في عُمان حتى يستغلوا فرص منطقة الدقم الصناعية، والمنطقة الحرة لميناء صلالة.

قبل اختتام مفاوضاتنا مباشرة، ذكرنا اهتمام عدد من المستثمرين الروس بتطوير إنتاج الأسمدة في عُمان والمشاركة في تنفيذ المشاريع المتعلقة باستخدام المياه. وتهتم شركاتنا بإنشاء إنتاج الكيماويات والأسمدة والهدف ليس فقط سد حاجات سوق سلطنة عمان، ولكن أيضا للتصدير إلى دول جنوب وجنوب شرق آسيا وأفريقيا. وينظر أصدقاؤنا العمانيون في هذه الخطة. وأكد الجانب الروسي اليوم، الاستعداد لتجسيدها. ونأمل أن يكون هناك رد فعل.

وهناك مقترحات أخرى يناقشها رجال الأعمال في بلدنا. على وجه الخصوص، حضر وفد من رجال الأعمال العمانيين المنتدى الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ في يونيو من هذا العام.  وشارك وفد من عُمان، يتألف من رجال أعمال وممثلين حكوميين، في منتدى روسيا - العالم الإسلامي الذي جرت أعماله مؤخرا في قازان.

أنا واثق من وجوب استعمال ولأقصى حد جميع الفرص التي توفرها اقتصاديات بلداننا لبعضنا البعض. نحن واقعيون، ونعرف أن أولئك الذين تخيلوا انفسهم أنهم يتصرفون بمصائر العالم كله ، يحاولون بكل طريقة منع ذلك. لدينا فكرة عن الأساليب عديمة الضمير التي لجأت إليها دول " الغرب الجماعي "بقيادة الأمريكيين: إنهم ببساطة يطالبون دول" الجنوب العالمي " والشرق بوقف أي اتصالات مع روسيا الاتحادية. ويظهر مثل هذا السلوك قلة الأدب، وعدم الحذاقة في السلوك في المجتمع، وفي هذه الحالة في المجتمع الدولي، والقناعة بأنه من الممكن التصرف حتى اليوم على فق أساليب الاستعمار – فرض على الجميع كيفية التصرف، وفي نفس الوقت محاولة العيش على حساب الآخرين. وخلال اجتماع الأمس مع وزراء الدول العربية في الخليج، وكذلك اليوم خلال اتصالاتنا الثنائية، أصبحت مقتنعا بأن الدول العربية لديها رؤيتها الخاصة لما يحدث في العالم: فهي لا تسعى إلى الوقوف إلى هذا جانب أو ذاك بشكل لا لبس فيه وفي أي مواقف، فهي تدعو دائما إلى البحث عن حلول وسط لضمان توازن المصالح وضد الضغط على الدول ذات السيادة.  إن عدم التدخل في الشؤون الداخلية هو أحد المبادئ الأولى لميثاق منظمة الأمم المتحدة، ويجب احترامه مثل أي مبدأ آخر، دون استثناء. دعونا لا ننسى مبدأ مثل مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، والذي لا يحترمه أي حليف للولايات المتحدة. بالطبع، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها. إن أي فعل يؤخذ من الأفعال التي يقومون بها على الساحة الدولية، هو تجاهل تام للمساواة بين الدول الأخرى والغرب، إن هذا الضرب من الضغوط لا آفاق لها، فهو يفضح فقط منظمي مثل هذه الحملات الرامية لمنع تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب على قدم المساواة، والحفاظ على هيمنتهم، مما يعني المضي ضد المسار الموضوعي للتاريخ.  بيد أن تحقيق ذلك غير ممكن، وسوف يتشكل عالم متعدد الأقطاب. وستكون الدول العربية: مجلس التعاون للدول العربية في الخليج. بلا شك واحدة من المراكز في هذا العالم.

سؤال: بعد المصالحة واستعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، ماذا برأيكم هي الرؤى والأولويات الأمنية في منطقة الخليج؟

لافروف: روسيا معنية بتطبيع الوضع في منطقة الخليج. وطرحنا مبادراتنا على مدى سنوات طويلة، وعرضناها على زملائنا وأصدقائنا للمناقشة.  ونأخذ في الاعتبار التعليقات عليها. وعلى مدى العامين الماضيين، جمعنا خبراء وعلماء سياسيين من الدول العربية ومن إيران، الذين يقيمون جهودنا بشكل إيجابي. وقدموا الكثير من الملاحظات المفيدة. ويمكن أن يساهم نشاطنا في تهيئة الظروف للحل العملي النهائي للقضايا الأمنية في منطقة الخليج، إذ يجب أن تتفق البلدان الساحلية نفسها.

إن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، الذي أضفي عليه الطابع الرسمي في جمهورية الصين الشعبية وساعد عليه أصدقاؤنا العمانيون، خطوة مهمة نحو تهيئة الظروف اللازمة. وهناك تحديات كثيرة تنتظرنا، بما في ذلك التطبيع الكامل وغير المشروط للعلاقات بين جميع البلدان العربية وجمهورية إيران الإسلامية. وسيكون من الضروري عندئذ اتخاذ تدابير إضافية لبناء الثقة المتبادلة، والشفافية في المسائل الأمنية، ومن الناحية المثالية، التعاون في تلك المسائل. وما يزال هناك الكثير من الأشياء التي تتطلب اهتمام البلدان المشاطئة نفسها، وأولئك المهتمين حقًا بمساعدتها على إيجاد مثل هذه الحلول. إن روسيا هي واحدة من هذه الدول. وسنفعل كل في وسعنا لمساعدة أصدقائنا.

سؤال: ما هي الخطوات التي تتخذها روسيا في ضوء إمكانية انضمام دول جديدة إلى الناتو، مثل أوكرانيا والسويد؟

لافروف: نتخذ خطوات متكافئة ومبكرة. لقد أثارت دهشتنا السرعة التي انضمت فيها فنلندا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، والسويد، التي جرت بقوة إجبارية نشطة على الدخول في عملية من شأنها إزالة العقبات المعروفة على طول الطريق، وتخلت الدولتان عن صفة الحياد، وعن تلك المزايا الذي مثلها الحياد لعقود، وضمن ما دورا وسمعة ومكانة مستقلة نسبيا في أوروبا والساحة الدولية. وقد تخلت هذه البلدان عن مزايا تجارية واقتصادية واستثمارية خاصة في علاقاتها مع روسيا الاتحادية. إن السرعة التي حدثت بها عملية الانضمام للناتو، تجعل البحث عن السبب في وضع الخضوع التام الذي وضعت الولايات المتحدة وبقية «الغرب الجماعي» هاتين الدولتين.

 وتم التضحية بجميع المصالح الوطنية للدولتين الفنلندية والسويدية لضرورة توحيد الغرب بأسره في الكفاح، في هذه الحالة، ضد روسيا عن طريق تحويل أوكرانيا إلى أداة نازية جديدة، وجهت ضد بلدنا لغرض وحيد هو منع أي تحد للمهمة التي حددتها الولايات المتحدة - تأمين هيمنة الغرب إلى الأبد، والاستمرار في ضمان الحياة له بالمناهج الاستعمارية على حساب الآخرين.

أجدد القول إن كلاً من فنلندا والسويد كانتا تتمتعان بسمعة مختلفة تماما، ولكن يبدو أن غرائز أزمان ظهور النازية في أوروبا وزمن الحرب الباردة لم تكن مخفية بشكل عميق تماما. ومباشرة بعد صدور الأمر للجميع ب "الاصطفاف" ضد روسيا، وافقوا على ذلك بخنوع. يا للأسف، ولكن هذا هو خيار الحكومات التي حصلت على أصوات ناخبيها. لذلك، فإن الأمر متروك لشعب كل بلد ليحكم على مدى ما يستجيب هذا لمصالح هاتين الدولتين. بالطبع، سوف نستخلص استنتاجات اعتمادا على مدى سرعة وعمق الناتو في استغلال أراضيهما. وليس هناك شك في أنهم سيقومون بذلك. تناقش كل من هلسنكي وستوكهولم مع الولايات المتحدة العديد من القضايا المتعلقة بنشر البنية التحتية للحلف على الحدود مع روسيا الإتحادية (في حالة فنلندا) وقريبة جدا من حدودنا (في حالة السويد).  وبوسعي أن أؤكد لكم أنه سيتم ضمان جميع المصالح الأمنية المشروعة لروسيا الاتحادية. نحن نعرف أي إجراءات هذه ستكون، وكيفية تجسيدها عمليا.