Ukraine
كلمة وزير خارجية روسيا الإتحادية سيرغي لافروف وأجوبته على أسئلة وسائل الإعلام خلال المؤتمر الصحفي المشترك عقب المباحثات التي عقدها مع وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي، عُمان، 11 مايو/أيار 2022
السيدات والسادة المحترمون،
بادئ ذي بدء، أود أن أعرب عن خالص امتناني لزملائنا وأصدقائنا العُمانيين على الاستقبال الحار. كان لدينا يوم حافل. جرت لقاءات مع جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، ومع نائب رئيس الوزراء لمجلس الوزراء العماني فهد بن محمود آل سعيد، ومباحثات مع زميلي وصديقي وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي.
ناقشنا مجمل العلاقات الروسية العمانية، وأعربنا عن ارتياحنا للحوار السياسي المكثف والتعاون في المجالات التجارية، والاقتصادية، والثقافية، والتعليمية.
ولدينا رأي مشترك بأن حجم التجارة بين بلدينا متواضع للغاية ولا يتوافق مع الإمكانات التي نتمتع بها. وناقشنا اتجاه العمل المحتمل الذي سيتيح لنا تطوير مشاريع مشتركة متبادلة المنفعة في قطاع الطاقة والسياحة والنقل والاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها من المجالات.
اتفقنا على تشجيع أنشطة مجلس الأعمال الروسي ـ العماني، الذي اجتمع في يناير 2022. وسنعمل أيضاً على تحسين الإطار القانوني، بما في ذلك استكمال العمل على اتفاقية لإدخال نظام بدون تأشيرة لجميع مواطنينا. وسنواصل تنفيذ مشاريع مشتركة في المجالين الثقافي والإنساني، بالاعتماد على الخبرة الثرية التي تشتد الحاجة إليها للتعاون بين متحف الأرميتاج الحكومي والمتحف الوطني لسلطنة عُمان.
لدينا مقاربات متقاربة ومتطابقة لمعظم المشاكل الإقليمية والدولية. ونقدر موقف السلطنة المتوازن والمتزن من أوضاع إقليمية مثل التسوية السورية. إنني على ثقة من أن عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية ستساعد القضية. وهنا يمكن لسلطنة عمان، التي لم تغلق سفارتها في دمشق قط، أن تلعب دورها.
وأكدنا الدور الإيجابي لسلطنة عمان في دفع مسيرة التسوية اليمنية، إلى جانب دول أخرى في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
نحن متفقون على أنه يجب القيام بكل ما شأنه أن يساعد على استئناف المباحثات الفلسطينية ـ الإسرائيلية المباشرة، لإيجاد طرق لحل هذا النزاع الطويل الأمد، بشكل نهائي على أساس القرارت الدولية ـ القانونية القائمة.
نحن نقدر دور عُمان في تعزيز الاستقرار والأمن في منطقة الخليج. ويسمح موقف مسقط المتوازن لها بالعمل كمنصة محايدة مهمة، لمختلف المبادرات الدبلوماسية. يتوافق هذا النهج تماماً مع المفهوم الروسي لضمان الأمن الجماعي في الخليج، والذي قمنا بتحديثه في عام 2021 وبدأنا مناقشته على مستوى الخبراء.
أطلعنا محاورينا العمانيين بالتفصيل عن تطور الوضع في أوكرانيا في سياق العملية العسكرية الخاصة التي تنفذها روسيا الإتحادية، وحول البعد الجيوسياسي لهذا الوضع. نحن لا نخفي أهداف عمليتنا. تحدث رئيس روسا الإتحادية فلاديمير بوتين عنها أكثر من مرة، بما في ذلك يوم 9 مايو، خلال العرض في الساحة الحمراء. وهي تتمثل في حماية سكان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين من نظام النازيين الجدد في كييف، وضمان عدم قيام الغرب بتهديدات عسكرية لأمن الاتحاد الروسي من أراضي أوكرانيا.
لفتنا انتباه زملائنا إلى العديد من التلفيقات التي اختلقتها كييف لتبرير أفعالها الإجرامية.
نأمل ونراهن على أن يساعد استكمال عمليتنا العسكرية بتحقيق جميع الأهداف الموضوعة في إطارها، على وقف محاولات الغرب لتقويض القانون الدولي وتجاهل مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكها بشكل صارخ، بما في ذلك مبدأ السيادة والمساواة بين الدول، وسيجبر الغرب على التوقف عن الترويج لـ "عالم أحادي القطب" تحت هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها.
يجب احترام التنوع الثقافي والطائفي والحضاري للعالم الحديث. لقد انتهى عصر الاستعمار. ويجب الاعتراف بذلك.
أكدنا في ختام المحادثات، التزام كل من روسيا الاتحادية وسلطنة عمان بجميع المبادئ التي تأسست على أساسها الأمم المتحدة، ودعمنا للدور المركزي للأمم المتحدة في الشؤون العالمية.
سؤال: أود أن أسمع المزيد من التفاصيل حول لقائكم مع السلطان. هل ترون مسعى من جانب الأمم المتحدة لحل الأزمة في أوكرانيا؟
لافروف: تحدثت عن الموضوعات التي نوقشت اليوم في الاجتماع مع السلطان ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية سلطنة عمان. هذه هي القضايا المتعلقة بعلاقاتنا الثنائية وتطويرها اللاحق، والمتعلقة بالعلاقات التجارية والثقافية والإنسانية، وتطوير السياحة، وكذلك الموضوعات الدولية، والتي سبق ذكرها بالتفصيل الكافي.
أما عن دور الأمم المتحدة. لقد زار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش موسكو، حيث أعرب عن قلقه بشأن المشاكل الإنسانية في أوكرانيا. وتم تقديم له كافة التفسيرات اللازمة والحقائق حول أن المشاركين الروس في العملية العسكرية الخاصة قدموا ممرات إنسانية للمدنيين بشكل يومي. لكن "الكتائب الوطنية" الأوكرانية الراديكالية لم تسمح لهم بالخروج، واحتجزت المدنيين كـ "دروع بشرية"، وبالإضافة إلى ذلك، تبنوا ممارسة وضع أسلحة ثقيلة في الأحياء السكنية المدنية لمحاولة استفزازنا لنقصف هذه المباني السكنية المدنية. كما أخبرنا الأمين العام أن الأشخاص الذين تمكنوا من الفرار من المناطق التي يسيطر عليها القوميون الأوكرانيون يتحدثون عن الفظائع التي تعرضوا لها هناك عندما احتجزهم الجنود الأوكرانيون كرهائن.
نواصل فتح ممرات إنسانية. ويستمر الناس في المرور من خلالها. إننا مهتمون بمغادرة جميع المدنيين هذه المناطق.
ومع الأخذ في الاعتبار الاهتمام الذي أبداه أنطونيو أنطونيو غوتيريش اقترحنا عليه التوجه الى سلطات كييف للمطالبة بوقف عرقلة خروج السكان المدنيين من مناطق العملية العسكرية.
إن ممثلي الأمانة العامة للأمم المتحدة متواجدون الآن على الأرض ويحاولون المساعدة في حل القضايا التي أثرناها.
وفيما يتعلق بالدور الأوسع (وليس الإنساني) الذي كان من الممكن أن تلعبه الأمم المتحدة، يا للأسف، فوتت الأمانة العامة، بما في ذلك الأمين العام، فرصة تحقيق تسوية سياسية عندما لم يتفاعلوا طيلة سبع سنوات مع كييف بأي شكل من الأشكال. وقام نظام كييف بشكل صريح وواضح ومقصود بعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن 2202، الذي وافق على اتفاقيات مينسك بشأن تسوية النزاع في شرق أوكرانيا.
ولو حاولت الأمانة العامة، بعد الموافقة على هذا القرار بالإجماع من قبل مجلس الأمن في فبراير 2015، حث السلطات الأوكرانية على الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في هذه الوثيقة، فربما لم نواجه هذه المشاكل، التي أنشأتها كييف في النهاية مع التواطؤ والدعم الصريح من الولايات المتحدة وحلفائها.
سؤال: ما هو المفتاح لإخراج عُمان ودول مجلس التعاون الخليجي من تداعيات النزاع الذي تسبب بانقطاع إمدادات مواد غذائية (مثل الخضر وزيت جوز الهند والمواد الغذائية الأخرى)؟ هل توصلتم إلى أي حلول لتقليل مشاكل الإمدادات الغذائية؟
لافروف: أن هذا السؤال ليس لنا، فلم تؤثر أفعالنا بأي شكل من الأشكال ولا يمكن أن تؤثر على المشكلات التي ذكرتموها للتو، والتي نشأت حصريا بسبب المحظورات والعقوبات غير القانونية التي تفرضها الدول الغربية. دمرت هذه المحظورات في يوم واحد سلاسل النقل واللوجستيات المريحة والمربحة التي كانت موجودة لسنوات عديدة، والتي أعاق الموقف الغربي قدراتها. نعتقد أن هذه سياسة عدوانية للغاية تجاه الاقتصاد العالمي والتجارة بين جميع دول العالم.
صدر مؤخرا تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول المشاكل في مجال الغذاء وأمن الطاقة، والذي لم يذكر الأثر السلبي الهائل للعقوبات الغربية على الوضع. ومن الخطأ أن تتجاهل منظمة عالمية ودولية الحالة الموضوعية للأمور، وتتجنب تقديم تحليل صادق والشامل.
أحد الجوانب المحددة لهذه القصة بأكملها يكمن في أن سلطات كييف لا تسمح لعشرات السفن بمغادرة موانئها، بما في ذلك السفن التي تنقل القمح إلى مناطق مختلفة من العالم. حتى أنهم قاموا بزرع الألغام في منافذ الخروج من هذه الموانئ، مما يجعل من المستحيل خروج هذه السفن.
لقد اقترحنا مراراً تنظيم ممرات إنسانية لخروج السفن التي تحمل البضائع الضرورية، لكن الجانب الأوكراني لا يتعاون. ولا يتفاعل "أسياده" الغربيون مع هذا بأي شكل من الأشكال.
سؤال: عندما كنتم في الجزائر، قلتم إن بلدكم يبذل قصارى جهده لوضع حد " لعالم أحادي القطب". ما هي الإستراتيجية لتحقيق هذا الهدف، وهل لا تتوقعون أن في طريق تحقيقها، قد نواجه نزاعاً عسكرياً واسع النطاق في أوروبا؟
لافروف: الاستراتيجية بسيطة: الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك احترام مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، ونسيان عاداتهم الاستعمارية، ونبذ المشاعر الإمبريالية الجديدة، والتحلي بالصدق بشأن التزاماتنا الدولية. هذا ما هو الأمر المهم.
إن الأهداف التي وضعناها في أوكرانيا واضحة للغاية: منع انتهاك حقوق السكان الروس، الناطقين بالروسية في دونباس، الذين كانوا مهددين بالإبادة من قبل نظام كييف، ومنع الغرب من بناء جسر على أراضي أوكرانيا يشكل تهديدا عسكريا على روسيا الإتحادية.
إذا كنتم قلقون من احتمال نشوب حرب في أوروبا، فنحن لا نريد ذلك على الإطلاق. لكني أود أن ألفت انتباهكم إلى أن الغرب بالذات هو الذي يعلن باستمرار بأنه في هذه الحالة يجب الحاق الهزيمة بروسيا. واحكموا بأنفسكم.
سؤال: ما هو رأي موسكو بموقف سلطنة عمان من القضايا الإقليمية والدولية وخاصة التسوية السورية؟ وكيف تقيّمون موقف السلطنة من الأزمة الأوكرانية؟
لافروف: لقد تحدثت بالفعل في كلمتي الافتتاحية عن مباحثاتنا بشأن الشؤون الإقليمية.
نحن نقدر الموقف المتوازن والمسؤول لسلطنة عُمان بشأن التسوية السورية، وبشأن القضايا المتعلقة بتهيئة الظروف لإطلاق عملية تفاوض شاملة بين جميع الأطراف اليمنية، وموقف سلطنة عُمان من القضايا الأمنية في الخليج، وكذلك بين الدول العربية وجمهورية إيران الإسلامية. تقييمنا متسق ومعروف.
أما موقف عُمان من الأزمة الأوكرانية فنعتبره متوازناُ ومتزناً وقائماً على المصالح العقلانية لشعبها. وهذا هو بالضبط النهج الذي تشترك فيه جميع دول المنطقة، والذي كرسته القرارات المتخذة في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي إطار جامعة الدول العربية.
سؤال: ما هي الإجراءات التي تتخذها الحكومة الروسية للتغلب على العقوبات الغربية، وإلى أي مدى يمكن أن تتحمل موسكو عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي على قطاع الطاقة لديها؟
لافروف: لدينا فهم كامل لكيفية العيش لاحقا. الاستنتاج الرئيسي هو عدم الاعتماد على الإطلاق في خططنا على أن الغرب قادر على الإيفاء بالاتفاقات. لقد أثب أنه من أجل ترسيخ هيمنته (هذا الهدف، بالطبع، وهمي)، فهو مستعد لارتكاب جريمة ضد المبادئ التي أعلنها بنفسه، بما في ذلك السرقة والنهب بشكل سافر. إن حرمة الملكية الخاصة، وافتراض البراءة – أي كل ما تفاخرت به الحضارة الغربية طوال هذه السنوات كمبادئ أساسية لتشكيل دولها، كل هذا "خرج عن مساره"، وانتهك بشكل صارخ.
لقد توصلنا بالفعل إلى استنتاجاتنا، وسوف نعتمد على أنفسنا، وعلى شركائنا الموثوق بهم، والذين تقع الغالبية العظمى منهم خارج "المليار الذهبي" السابق.
لدينا عدد كافٍ من المشترين لموارد الطاقة لدينا. سوف نعمل معهم. دع الغرب يدفع أكثر بكثير مما دفع لروسيا الإتحادية، ويشرح لسكانه لماذا يجب أن يصبحوا أكثر فقراً.
سؤال: كما قيل، إن مؤشرات حجم التجارة لا يلبي إمكانات البلدين. هل هناك أي خطط للاستثمار أو أي مشاريع أخرى؟
لافروف: في الكلمة الافتتاحية، أوضحت المجالات التي نعتبرها واعدة لبناء تعاوننا الاقتصادي: الطاقة والاتصالات والنقل والخدمات اللوجستية. لدينا مجلس أعمال، يجب استخدام إمكانياته بفعالية. وسوف نقوم بذلك.