18:40:14

مقابلة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف لقناة "سكاي نيوز عربية"، موسكو، 20 سبتمبر 2024

 

سؤال: من العاصمة الروسية، من موسكو، سنتحدث مع الوزير سيرغي لافروف. شكراً لكم على إتاحة الفرصة لإجراء مقابلة  لسكاي نيوز عربية.

لافروف: شكراً لكم على الدعوة.

سؤال: يسرني أن التقي بكم في هذه المرحلة التاريخية، لا سيما وقد مر أكثر من عامين على بدء العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا. إلى أي مدى تلتزم موسكو بالمطالب المعلنة وهل يمكن الاعتماد على تخفيف مواقفها من أجل تحقيق السلام؟

  لافروف: هذه ليست مطالبنا بقدر ما هي مطالب القانون الدولي العام. والآن، عندما يتحدثون عن ضرورة تسوية النزاع على أساس ميثاق منظمة الأمم المتحدة، فإنهم يضيفون دائما "احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها". إن ميثاق الأمم المتحدة، يقضي أولا باحترام حق الأمم في تقرير مصيرها وبعدها يذكر وحدة الأراضي. و كل من نفذ عملية إنهاء الاستعمار، وفي المقام الأول في القارة الأفريقية استرشد بالذات بحق تقرير المصير. وحينها كان الاتحاد السوفييتي أحد المبادرين الأساسين لهذه العملية. وبمبادرة منا، جرى في عام 1960 تبني الإعلان ذي الصلة.

لقد بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة في القرن الماضي، بمناقشة ما هو الأكثر أهمية: وحدة الأراضي أم حق أي أمة في تقرير مصيرها. وبعد مفاوضات طويلة، جرى تبني الإعلان، وهو وثيقة ضخمة الحجم. وفي الجزء الذي نتحدث عنه الآن، ينص بوضوح على أن: الجميع ملزمون باحترام وحدة أراضي الدول التي تحترم حكوماتها حق الأمة في تقرير المصير، وبالتالي، فإنها تمثل جميع السكان الذين يعيشون في هذه الأراضي. ولا حاجة للبرهان لأي كان، أن  النازيين الجدد الذين وصلوا إلى السلطة بعد الانقلاب الدموي المناهض للدستور في فبراير 2014، لا يمثلون شبه جزيرة القرم أو دونباس.

ينص ميثاق الأمم المتحدة قبل حق الأمم في تقرير المصير، على ضرورة احترام حقوق الإنسان، بغض النظر عن العرق، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين. لقد تم حظر استعمال اللغة الروسية في أوكرانيا في جميع مجالات الحياة، بموجب قانون. وجرى  مؤخرا تبني قانون يمنع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية القانونية. ولذلك، فإن أولئك الذين يدعون إلى تسوية النزاع على أساس ميثاق الأمم المتحدة يجب أن يقرؤوه بعناية أكبر.

سؤال: لقد بدا كل شيء من الثورة البرتقالية. نحن ندرك أن روسيا تقوم اليوم بدور مهم على المسرح العالمي في تسوية النزاعات. هل تُعتبر العملية العسكرية الخاصة نقطة مهمة في تحول المجتمع الدولي والنظام العالمي؟ وهل إن روسيا مستعدة للقيام بعمل عسكري أوسع؟

لافروف: لقد قلتم بأنفسكم إن الانقلاب كان إحدى المراحل الرئيسية التي أوصلتنا جميعا في النهاية إلى الوضع الذي نلاحظه الآن. لقد حفزت الدول الغربية هذا الانقلاب ودعمته. وبعد ذلك، حذرنا على مدى سنوات طويلة من أنه لا يجوز التعامل مع السكان الروس، الذين عاشوا طوال حياتهم على الأراضي في إطار الدولة الأوكرانية التي كانت تحت الحكم السوفيتي، وهذه المنطقة، التي طورها الروس على مدى عدة قرون، ولا ينبغي جرها  إلى حلف شمال الأطلسي في ظل أي ظرف من الظروف. لقد حذرنا طويلا من ذلك. ولكن الغرب، الذي ربى وعَلَّمَ النازيين الجدد، واصل دعمهم كأداة للحرب ضد روسيا الاتحادية.

إن كون العدالة إلى جانبنا واضحة لكل من يدرك ما يحدث، وبماذا تنحصر العدالة. إنها تنحصر في أن  من حق كل شخص أن يكون ما تربى عليه ومن يريد أن يكون. ‎إن استعمال  نظام النازيين الجدد الأوكراني بمثابة أداة لمحاربة روسيا قد نبه الأغلبية العالمية، من بلدان الجنوب في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. لأن الجميع بدأوا يفكرون على مَن ستوجه واشنطن سخطها في المرة القادمة، ومَن قد لا يعجبها. على أي كان.     

    وبهذا المعنى، فأنت على حق مطلق. إن العملية العسكرية الخاصة تنطوي على أهمية عالمية. لأنها تدافع عن نظام عالمي متعدد الأقطاب، حيث تكون جميع البلدان دون استثناء في ظله متساوية. اسمحوا لي أن اعيد الأذهان مرة أخرى إلى ميثاق منظمة الأمم المتحدة. الذي ينص على أن الأمم المتحدة تقوم على المساواة في السيادة بين الدول. لم تحترم الولايات المتحدة ولا أذنابها ابدأ، في أي وضع من الأوضاع  هذا المبدأ ولا التزام به. إن الغالبية العالمية مهتمة بإنهاء وضع الأمور الحالي، عندما يطالب الأمريكيون الجميع بعدم احترام القانون الدولي، ولكن  "النظام القائم على القواعد".  ولديهم في كل مرة " قواعد " (كما  يقال عندنا)" كما يحلو لهم."

عندما احتاجوا إلى كوسوفو عمدوا إلى فصل هذه المنطقة عن صربيا، وأعلنوا استقلالها دون أي استفتاء. وقالوا إن هذا تجسيد لحق الشعوب في تقرير مصيرها.  وعقب بضع سنوات، بعد أن استولى النازيون على السلطة في كييف، أجرى سكان شبه جزيرة القرم استفتاء، بحضور عدد كبير من المراقبين الأجانب، ودعوا إلى الاتحاد من جديد مع روسيا، شجب الأمريكيون هذا الإجراء، وقالوا إنه ينتهك وحدة الأراضي.

 إن معظم محاوري من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ومعروف عن من يدور الكلام، يشيرون إلى أن الولايات المتحدة تروم البرهنة للجميع بأنها القوة المهيمنة ولا يجوز لأحد الجرأة على معارضتها، بغض النظر عما يريدون. لذلك تقول الولايات المتحدة إن الكلام يدور عن إلحاق "هزيمة استراتيجية" بروسيا في ساحة المعركة. إنهم يرون في ذلك تهديدا وجوديا لأنفسهم، وتهديدا لهيمنتهم. وإذا انتصرت الحقيقة في الموقف (إنها ستسود بالتأكيد)، فسوف يعتبرونها هزيمة، وفقدان المكانة والنفوذ والخوف الذي يشعر به الكثيرون منهم.

سؤال: لقد سبقتهم سؤالي. أود أن أتحدث عن" الهزيمة الاستراتيجية " التي يريدها الغرب كثيرا. اليوم، الغرب يبدو مثل الأطفال يلعبون بالنار. هل ترغب روسيا بالتصعيد؟

لافروف: لا يوجد أي تصعيد. أنتم محقون، إنهم يلعبون بالنار. وثمة انطباع بأنهم حقا في عقلية الطفل. رغم أن هؤلاء الراشدين يشغلون مناصب مسؤولة: وزراء ورؤساء وزراء ومستشارون ورؤساء دول، إلخ.

     يدور منذ عدة أشهر، نقاش مفاده أن روسيا تهدد فقط، وتتحدث عن "الخطوط الحمراء". ويتخطى الغرب في كل مرة هذه "الخطوط الحمراء"، ولا يحدث شيء.

عَلَّقَ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا في سان بطرسبرج على هذا الوضع. ولاسيما في سياق مبادرات تقضي بتزويد أوكرانيا بصواريخ أمريكية وفرنسية وبريطانية بعيدة المدى، والسماح لها بضرب أي هدف على أراضي روسيا الاتحادية. وستكون هذه حرب الناتو المباشرة ضد روسيا.

على الأقل ثمة بعض الأشخاص العقلاء في واشنطن الذين يدركون عواقب هذه الخطوة. والآن يشن الناتو حربا ضد روسيا. لكن هذه حرب هجينة بأيدي الأوكرانيين. وإذا دار الكلام عن أسلحة صاروخية بعيدة المدى، فالجميع يفهم أن الأوكرانيين لا يستطيعون استعمالها. فالأخصائيون من الدولة التي تنتج هذه الأسلحة  يستطيعون القيام بالتصويب وتلقي بيانات الأقمار الصناعية ومهام الطيران.

وإذ اتحدت عن" الهزيمة الاستراتيجية " في ساحة المعركة، لا أريد أن أقتبس من بعض السياسيين الغربيين، بيد أن هناك أشخاص في كل من الولايات المتحدة وأوروبا درسوا التاريخ ويتذكروه جيدا. لقد حاول كل من نابليون وأدولف هتلر "إنزال ضربة استراتيجية" بنا. لقد جمع هذا وذاك تحت راياته أكثر من نصف الدول الأوروبية، التي خضعت بطاعة، تم أسرهم وسلموا جيشهم، والجيوش تحت قيادة كل من بونابرت و شيلجوبير. لقد انتهوا جميعا بصورة يرثى لها. أجدد القول إن أولئك الذين يقرؤون ويعرفون التاريخ يفهمون هذا جيدا.

والآن، تماما كما حدث في الحرب العالمية الثانية، فإن التحالف باسره "تحت الأمريكيين" (هناك حوالي 50 دولة) يحارب ضدنا، بِيَد النظام الأوكراني النازي بصورة سافرة كنظام أدولف هتلر.

وينبغي في مثل هذه الحالات، أن لا ينسى أحد طبع الشعب الروسي. ونحن نلاحظه حاليا على خط المواجهة. إن كل المحاولات الرامية الى  "شق صفوف" مجتمعنا تفضي دائما إلى نتيجة معاكسة. وغدا مجتمعنا الآن أكثر تضافرا وتكاتفا من أي وقت مضى. ولا نرى أي إمكانية أخرى سوى إلحاق الهزيمة بالنازيين، الذين تطاولوا مرة أخرى على تاريخنا وأرضنا ولغتنا.

سؤال: هناك سؤال في سياق الإشارات إلى استخدام روسيا للأسلحة النووية. ونحن ندرك مبدأ روسيا الاتحادية في هذا المجال. في كل مرة يتم فيها تجاوز "الخطوط الحمراء"، يطرح السؤال نفسه، أين تكمن بالفعل في سياق الأسلحة النووية؟

  لافروف: عندما نتحدث عن" الخطوط الحمراء "، يحدونا الأمل بأن يسمع أولئك الأشخاص الأذكياء الذين يصنعون القرار، تقييماتنا وبياناتنا.  والحديث عن أنه إذا لم تفعلوا ما أطلبه منكم غدا، فسنضغط على" الزر الأحمر " مسالة غير جدية.

   أنا على يقين في مثل هذه المواقف، لدى أولئك الذين يتخذون القرارات، فكرة عما نتحدث عنه. لقد قلنا مرات كثيرة. لا أحد يريد حربا نووية.

يمكنني أن أؤكد لكم أن لدينا أسلحة سيكون لها عواقب وخيمة على سادة النظام الأوكراني. هذه الأسلحة متوفرة. وهي على أهبة الاستعداد القتالي الكامل.

سؤال: أود أن أتطرق إلى موضوع الشرق الأوسط – ما يحدث هناك، ولا سيما، مشاركة الغرب. يتحدث الكثير عن الشراكة الاستراتيجية مع الإيرانيين الآن. هناك أخبار تفيد إن روسيا تلقت صواريخ من إيران. أن روسيا، بدورها، توفر التكنولوجيا النووية لهذا البلد. يكتبون عن ذلك، يتحدثون عنه ما هو ردكم على مثل هذه الاتهامات.

لافروف: على هذا النحو يتحدثون أيضا عن جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية. تقريبا عن نفس الشيء. يجري التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري والتقني / العسكري مع إيران وكوريا الشمالية ومع أي دولة أخرى بشكل صارم في إطار القانون الدولي، دون انتهاك لأي التزامات دولية. وإذا اختلقت الولايات المتحدة عشر خرافات في اليوم، متهمة إيانا بكل الخطايا المميتة، فهذا لا يعني شيئا. هذا يعني فقط أن روسيا نفسها لا تعجبهم كمنافس على الساحة الدولية.

أود أن أؤكد مرة أخرى أننا في علاقاتنا مع إيران ومع أي بلد آخر، لا ننتهك أي قواعد للقانون الدولي، بما في ذلك تلك التي تنظم التعاون العسكري / التقني.

أعتقد أن إيران وجيرانها (الممالك العربية والدول العربية الأخرى) مهتمون بالتعاون مع بعضهم البعض الآخر. إنها دول  منطقة واحدة. ولا بد أن تعيشا معا، جنبا إلى جنب مع بعضها البعض الآخر. وأرحب بالعملية التي جرت بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية. قاموا بتطبيع علاقتهم. ويتطور الحوار بشأن الكثير من القضايا الأخرى. وأنا على قناعة بأن من مصلحة كل من إيران وجيرانها العرب مد علاقات حسن جوار وطبيعية وجيدة. وهذا سيتيح  تطوير التعاون الاقتصادي لما فيه مصلحة شعوب جميع هذه البلدان. كما أنه أكثر فعالية للتعاون في الساحة الدولية، والذود عن مصالح بلدان (كما نقول) الجنوب العالمي والشرق العالمي.

سؤال: أشير إبان زيارة جون بايدن إلى المملكة العربية السعودية إلى أن بوسع الصين وروسيا ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في المنطقة. ما تعليقكم على ذلك؟ وهل هناك حقا فراغ؟ وما هي علاقات روسيا مع دول المنطقة؟ وأود أيضا التطرق إلى موضوع النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

لافروف: حول الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة وراءها. إذا نظرنا إلى تاريخ السنوات ال 50-70 الأخيرة، فقد وضعت الولايات المتحدة لنفسها  وبصوت عال، وبفخر الكثير من الأهداف. وبالمقام الأول، بصدد إدخال الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم.

فيتنام. ما هي الأهداف التي أعلنوا عنها؟ وما حققوا منها؟ لقد قضوا على مئات الآلاف من المدنيين واستعملوا وسائل التدمير المحظورة. ولم يحققوا أي هدف. استقلوا طائرات الهليكوبتر وطاروا بعيدا.

لقد أمضوا فترة أطول (20 عاما) في أفغانستان. لم يفعلوا شيئا لتطوير اقتصاد هذا البلد. لقد تفاخروا بأنهم كانوا يسحقون التهديد الإرهابي. وفي النهاية هربوا. لقد شاهدنا جميعاً لقطات للطائرة وهي تسحق بكل معنى الكلمة، الأفغان الذين حاولوا أيضاً السفر معهم إلى مكان ما. وتركوا كل من تعاون معهم إلى رحمة القدر. وهؤلاء الآلاف والآلاف من الناس.

أنظروا إلى العراق. ما الهدف الذي حققه الأمريكان في العراق؟ والآن يُطلب منهم الخروج من هناك. وتتحدث الحكومة ومجلس النواب العراقي منذ أكثر من عامين من إن البلد لم يعد بحاجة إلى الأميركيين. ولكنهم لا يرومون المغادرة. فما الذي يحاولون تحقيقه هناك؟

سوريا. ماذا حققوا في سوريا؟

إن ما يحدث بين فلسطين وإسرائيل امر مروع. لا يستطيع الخبراء أن يتذكروا مثل هذه المأساة، هذه الكارثة الإنسانية. قريبا، وأؤكد، سيكون عام. قبل عدة أشهر نُشرت إحصائيات في الغرب. كشفت انه خلال عشرة اشهر منذ بدء إسرائيل عملياتها العسكرية قُتل مدنيون فلسطينيون أكثر من ضعفي قتلى الحرب في دونباس على مدى عشر سنوات بعد انقلاب عام 2014. مع الأخذ بالحسبان إنه تم حساب كلا الجانبين: سكان  دونباس، وأولئك  الذين  بقوا في المناطق التي ظلت تحت سيطرة نظام كييف. قُتل في عشرة أشهر أكثر بعشرين مرة مما توفي من الناس خلال عشر سنوات.

إن الهجوم الإرهابي الذي وقع في 7 أكتوبر 2023 كان شنيعا. يشجبه كل الناس الطبيعيين. لكن الرد على جريمة بجريمة أخرى، باستخدام أسلوب العقاب الجماعي المحظور للمدنيين، أمر غير مقبول.

  أتذكر كيف تحدثتم عن الفراغ عندما تطرقتم إلى سياسة الولايات المتحدة في المنطقة. عندما وقع الهجوم الإرهابي في 7 أكتوبر 2023 وبدأت إسرائيل عمليتها الوحشية، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في كلمته أمام الجمعية العامة، إنه يدين الهجوم الإرهابي، لكنه لم يحدث من فراغ. وكان يعني عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة على مدى عقود كثيرة، بشأن إقامة دولة فلسطينية. وعمليا لم يتبقَ أي شيء من الأراضي التي كان من المفترض أن تشكل الدولة الفلسطينية.

انظروا إلى رد فعل القيادة الإسرائيلية عندما قال أنطونيو غوتيريش إن الهجوم الإرهابي لم يحدث من فراغ. أصبح مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك (الذي كان في ذلك المنصب في ذلك الوقت) في حالة هستيرية. وطالب بطرد أنطونيو غوتيريس من وظيفته.

إن الإفلات من العقاب صفة ضارة. لقد قلنا عدة مرات لزملائنا الإسرائيليين بأن الاتحاد السوفييتي، بلدنا، قام بأكثر من أي كان على هذه الأرض لإنقاذ اليهود وهزيمة أولئك الذين أطلقوا العنان للمحرقة. لكن ليس اليهود فقط ماتوا في المحرقة، بل وأيضا عدد كبير من الروس والبيلاروسيين والأوكرانيين والكازاخستانيين وغيرهم من الشعوب التي تعيش على أراضي روسيا الحديثة وتعيش على أراضي الاتحاد السوفيتي.

وعندما ترى بعض الشخصيات بأنهم - الشعب اليهودي - كانوا ضحايا الهولوكوست، وبالتالي، يمكن أن يُغفر لهم أي شيء كما يريدون، فهذا اتجاه سيئ. وهذه علامة على الخصوصية المميزة لألمانيا هتلر وأيديولوجيتها.

لدي العديد من الأصدقاء في إسرائيل. وتدرك الغالبية العظمى منهم بوجوب تسوية مسألة إقامة الدولة الفلسطينية، ولا يجوز الرهان على قمع الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني.

سؤال: عندما نتحدث عن "تصدير الديمقراطية” (ما يتحدث عنه الأمريكيون)، كيف تنظر روسيا اليوم إلى العملية الديمقراطية في الولايات المتحدة، ومحاولات اغتيال دونالد ترامب (مرتبط مباشرة بأوكرانيا)؟

لافروف: ما يحدث الآن في الولايات المتحدة هو أيضا مظهر من مظاهر الزعم بالاستثنائية، وعقدة التفوق التي تحدثنا عنها للتو فيما يخص سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وكيف يدعمون انتهاك القيادة الإسرائيلية جميع أعراف القانون الإنساني.

الديمقراطية على النمط الأمريكي هي من اختراعهم. وإذا كان نظام سلطة الدولة (الذي يعني أحيانا أن يصبح الرئيس ليس هو الذي صوتت له الأغلبية، ولكن شخصا آخر) يناسبهم، فدعهم يعيشون ويتركون الآخرين في وشأنهم.

الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراعهم. إذا أحبوا نظام سلطة الدولة هذا ، حيث لا يمنح النصر الانتخابي للمرشح الذي صوتت له غالبية الناس ولكن للمرشح الآخر ، فدعهم يحصلون عليه واتركوا الدول الأخرى وشأنها.

 تحدثت ذات مرة مع وزير الخارجية آنذاك كوندليزارايس. التي انتقدت العملية الانتخابية في بلدنا. أعطيتها مثالا على أن ليس لدى الولايات المتحدة  نظام  انتخاب الرئيس باقتراع  مباشرة، ولكن نظام المرحلتين. ونتيجة لذلك، يحدث أن الشخص الذي يدخل البيت الأبيض ليس هو الشخص الذي صوت له أغلبية السكان. قالت نعم نحن نعرف ذلك. وهذه هي مشكلتنا، ولا داعي للقلق، وسوف نتعامل معها بأنفسنا. إذا لابد من تبني نفس المنطق تجاه البلدان الأخرى.

إذا كانت بلدان، على سبيل المثال، منطقة الخليج ترى أن نظام الحكم الملكي مريح ومناسب لها، وأن السكان يعيشون حياة جيدة في ظل هذا النظام، فما المشكل إذن؟ لدى الصين نظامها الخاص، ولدينا نظامنا.

عندما تقول الولايات المتحدة إنها تناضل من أجل الديمقراطية، فهذا تضليل. إنهم يناضلون فقط من أجل المجيء إلى السلطة في بلدان مختلفة بأشخاص ينفذون إرادتهم. وهذا كل شيء. ولا يفعلون أي شيء آخر.     

أنا على يقين إذا ما ستجرون مقابلة مع أي سياسي أمريكي، وتسألوه عن الديمقراطية - لماذا يرومون تصدير نموذجهم فقط للديمقراطية في جميع إنحاء العالم؟ لماذا لا يجري الحديث عن الديمقراطية في العلاقات الدولية؟ إنهم لن يناقشوا ذلك أبداً. سيقولون لكم  يوجد في الشؤون الدولية "نظام قائم على القواعد". بينما ينص ميثاق منظمة الأمم المتحدة على أن الديمقراطية، تقوم على المساواة في السيادة بين الدول.

خذوا على سبيل المثال أي وضع متأزم  شاركت فيه الولايات المتحدة، سواء بعد إنشاء الأمم المتحدة، وحتى قبل إنشائها. إنها لا تحترم في أنشطة  سياستها الخارجية، أبدا مبدأ المساواة في السيادة بين الدول.

    لذلك، وكما قالت لي رايس أن هذا هو نظامهم، واتركونا وشأننا، أنصح الأميركيين بتطبيق نفس المبدأ على جميع الدول الأخرى. إن نظام تلك الدول مختلف، فاتركوا الآخرين وشأنهم. لا تدسوا أنفكم في شؤون الآخرين.

سؤال: يقول البعض إن العالم الآن فعلا يحتاج لعودة دونالد ترامب إلى منصبه لأربع سنوات. وإن هذا من مصلحة السلام.

مزح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخرا  بصدد الانتخابات في الولايات المتحدة. وقال إن روسيا تدعم كامالا هاريس. كيف ترسم روسيا سياستها تجاه الرئيس المقبل وإلى أي مدى ستتغير؟

لافروف: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يمزح. إنه يتمتع بروح دعابة جيدة. كثيرا ما يلجأ إلى للمزاح خلال خطبه ومقابلاته.

لا أرى أي فرق سواء في الحملة الحالية أو في الحملات الأمريكية اللاحقة على المدى البعيد. لأن هناك تعمل ما يسمى بـ «الدولة العميقة» سيئة الصيت.

الرئيس الأمريكي جي بيدن في حالة جسدية لدرجة أنه لا يستطيع إدارة البلاد منذ فترة طويلة. لكن  "التروس" تدور البلاد. وتواصل حملتها العسكرية عبر النظام الأوكراني وفي أجزاء أخرى من العالم، وتواصل عرقلة أي قرارات لمجلس الأمن الدولي تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة والضفة الغربية. "الآلة" تعمل. وهي مشحونة بحيث لا يكون أبدا منافس يهدد الهيمنة الأمريكية.

ويطرح الأمريكيون الآن الصين بمثابة التهديد الرئيس لهم. ويفرضون عددا كبيرا من العقوبات ضد الصين (ولكن ليس بنفس القدر من العقوبات التي فرضوها ضد روسيا). إنهم يغلقون قنوات دخول التقنيات الحديثة إلى الصين، على أمل إبطاء تطور هذا القطاع في الصين. وستقوم الصين بإنشاء جميع التقنيات بقدراتها الذاتية، لكن الأمر سيستغرق وقتا أطول قليلا.

وكيف يتعامل الغربيون الآن مع الصادرات الصينية، في المقام الأول ما يخص السيارات الكهربائية، والبطاريات للسيارات الكهربائية وغيرها من السلع؟ إنهم يفرضون رسوما بنسبة 100/100 في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية. وحينما كان الرئيس الصيني شي جين بينغ في زيارة لفرنسا، وصلت رئيسة المفوضية الأوروبية دبليو فون دير لاين إلى باريس وصرحت علنا بأن الاتحاد الأوربي يفرض رسوما بنسبة 100/100 على السيارات الكهربائية الصينية لأنها رخيصة جدا، وإن المصنعين الأوروبيون يعانون من ذلك. فأين هي المنافسة العادلة التي روج لها الغرب كمبدأ رئيس؟ وأين حرمة الممتلكات وأكثر من ذلك بكثير؟ كل هذا أصبح شيئا من الماضي.

ليس لدي أوهام بصدد رئيس الولايات المتحدة. (عندما كان دونالد ترامب رئيسا) تواصل مع الرئيس فلاديمير بوتين عدة مرات. واستقبلني في البيت الأبيض عدة مرات. كان ودودا. لكن في عهد الرئيس دونالد ترامب فُرضت عقوبات ضد روسيا الاتحادية أيضا بشكل منتظم ومتسق وجدي للغاية.

وبالنتيجة توصلنا الى استنتاج  مفاده بأن علينا الاعتماد على أنفسنا. ولن نفترض بأن "عم لطيف" سيأتي إلى البيت الأبيض أو إلى عاصمة غربية أخرى وسيتحسن كل شيء بالنسبة لنا، لن نقوم بعد الآن  بذلك ابدأ في تاريخنا.

سؤال: بدأنا  المقابلة بالحديث عن أهمية القارة الأفريقية. لقد حققت روسيا بعض النجاح في هذه القارة عن طريق التعاون، بما في ذلك التعاون العسكري، مع عدد من دول القارة. كيف ترى روسيا دورها في هذه المنطقة؟

لافروف: لقد رأينا هذا الدور على مدى عقود طويلة، عندما دعمنا بنشاط (كما ذكرتُ سابقا) نضال الشعوب الأفريقية من أجل الاستقلال، ومن أجل الإطاحة بالنير الاستعماري، ومن أجل إنهاء سياسة الفصل العنصري. إن إسهامنا في بناء عالم أفضل وضمان المساواة يحظى بتقدير الشعوب الأفريقية وقادتها. ونرى كيف ينشأ جيل من الشباب الأفارقة الذي يحترم تاريخنا المشترك.

ونحن لم  نكسب أبدا أو نسعى لمنفعة أحادية في علاقاتنا مع البلدان الأفريقية. انظروا إلى عدد المنشآت الصناعية التي بناها الاتحاد السوفيتي في جمهورية مصر العربية، والتي تشكل الآن جزءا كبيرا من صناعتها واقتصادها. ونقوم حاليا ببناء محطة للطاقة النووية وإنشاء منطقة صناعية روسية في منطقة قناة السويس. لقد ناقشنا هذا في 16 سبتمبر من هذا العام مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إبان زيارته لروسيا الاتحادية.

وفي الدول الأفريقية  الأخرى عندما كان الاتحاد السوفيتي يبني معها علاقات، كنا دوما نسهم إسهاما ملموسا  في تطوير أسس اقتصادها السيادية وبناء النظام التعليمي. وحتى الآن، لا يزال عشرات الآلاف من الأفارقة  يتلقون سنويا تعليمهم في الجامعات الروسية. وفي هذه البلدان توجد جمعيات لخريجي مؤسسات التعليم العالي السوفيتية والروسية في البلدان المعنية.

إن ميراثنا التاريخي المشترك يحدد المستوى الحالي للصداقة والتعاون المتبادل المنفعة الذي نشهده في الوقت الحالي. نعم بعد اختفاء الاتحاد السوفيتي، لم تكن روسيا الاتحادية بأحسن أحوالها سواء الاجتماعية أو الاقتصادية، فأولينا في ذلك الوقت اهتمامنا أقل لتطوير التعاون مع الأصدقاء الأفارقة. ولكن في غضون السنوات العشر أو الخمسة عشر عاما  بل وأكثر، عندما استعاد اقتصادنا عافيته وارسينا أسس الحياة الطبيعية في بلدنا ومجتمعنا فإننا عدنا لتطوير هذه العلاقات بسرعة.

وقد انعقدت قمتان بين روسيا وأفريقيا (في عام 2019 في سوتشي وفي عام 2023 في سانت بطرسبرغ). ومن المقرر أن ينعقد الاجتماع الأول لوزراء خارجية روسيا - أفريقيا في سوتشي في نوفمبر من هذا العام. وسيكون هذا وفقا لقرار قمة العام الماضي. ونحن نخطط (بالتعاون مع زملائنا الأفارقة) لعقد القمة المقبلة في القارة الأفريقية خلال سنتين أو ثلاث سنوات.

لدينا برنامج كبير. وتوجد خطة عمل يجري تطبيقها برعاية مفوضية الاتحاد الأفريقي وحكومة روسيا الاتحادية حتى عام 2026 – ضمنا-. وهي تشمل جميع مجالات تعاوننا: من الاقتصاد والاستثمار إلى المجال الاجتماعي والتعليم والتبادلات الثقافية. ونرى اهتماما صادقا متبادلا من الأصدقاء الأفارقة لتطوير تعاوننا المشترك.

سؤال: إن مجموعة بريكس تتوسع بسرعة وتعزز مواقفها وتتعاون مع عدد من الدول. وثمة الكثير من الدول التي ترغب في الانضمام إليها. وفي الوقت نفسه، هناك بعض التحديات التي تواجهها هذه المجموعة. كيف تواجهون هذه التحديات؟ وكيف تتصورون نموذج التعاون الناجح للعالم أجمع؟

لافروف: الوصفة بسيطة: الاحترام الكامل للقانون الدولي وبالدرجة الأولى (أقتبسُ مرة أخرى ميثاق الأمم المتحدة) : مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض. وإقامة التعاون على أساس توازن المصالح، الذي ينبغي إيجاده. وتعمل مجموعة بريكس على أساس التوافق، كما تعمل منظمة شنغهاي للتعاون، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي. فهذه كلها تجمعات مبنية على الاحترام المتبادل بين جميع  الأعضاء ومراعاة المصالح.

ولا يوجد مثل هذا المبدأ في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ففي الناتو هناك قوة مهيمنة هي الولايات المتحدة، التي لا تتحمل أي اعتراضات على سياساتها. أما في الاتحاد الأوروبي فقد نشأت بيروقراطية بروكسل التي تُملي على الدول ذات السيادة ما يجب القيام به، في الوقت الذي لم تصوت الشعوب لانتخاب أو اختيار هذه البيروقراطية. لقد صوتت الشعوب لرؤسائها ورؤساء وزرائهم. ومن ثم تم خلق البيروقراطية على أساس الاتفاق المتبادل. انظروا كيف يتصرف  المسؤولون في بروكسل بلا  احترام لاي كان على الإطلاق.

  ومثل هذا غير ممكن في بريكس. فبريكس تعتمد على مبدأ الإجماع والتوافق، زد على ذلك هو إجماع غير مصطنع عندما يجري إجبار أطراف على الموافقة، بل إجماع حقيقي، مبني على ضرورة إيجاد توافق يعكس اتفاق كافة الأعضاء. وهذا  ليس سهلا. فكلما زاد عدد الأعضاء، كلما زادت صعوبة إيجاد وفاق. إن  كل اتفاق قائم على الأجماع يتطلب وقتا أطول من القرار القائم على التصويت. لكن مثل هذا الاتفاق يكون أكثر رسوخا وقابلية للتطبيق، من قرار مفروض من الخارج. وفي هذا يكمن سر بريكس كله. انه بسيط للغاية.      وفي بريكس يتطور التعاون في مجالات الاقتصاد والشئون المالية. ويوجد بنك تنمية جديد تشتد قوته. ويوجد تعاون في المجالات السياسية وبالطبع في المجالات الإنسانية، والرياضية، والتعليمية، والثقافية.  وبصفتنا دولة تترأس بريكس هذا العام أجرينا 150 فعالية. ومن المقرر تنظيم عشرات الفعاليات الأخرى قبل نهاية العام. وتثير كل هذه الفعاليات الاهتمام الحيوي. وتأتي للمشاركة الوفود ذات الصلة والوزارات والبرلمانات والمنظمات الاجتماعية. وعندما نتابع الفعاليات التي تجري في دول بريكس، نرى الاهتمام الحقيقي لمواطني هذه الدول.

وهذه هي الدعامة الراسخة  التي يقوم عليها التطوير اللاحق الشراكة الاستراتيجية في إطار المجموعة.  والآن تضم مجموعة بريكس 10 دول، ويتضاعف عددنا مقارنة بالعام الماضي. وقد أرسلت أكثر من 30 دولة طلبات لإقامة تعاون أو الانضمام إلى المجموعة. وسيكون النظر في طلبات الدول التي ترغب في التعاون والشراكة مع بريكس، احدى البنود الرئيسية  المدرجة على جدول أعمال القمة التي ستعقد في أكتوبر من هذا العام في قازان،

سؤال: أردنا الحديث عن مشكلة مشتركة وهي التغلب على هيمنة الدولار، وكذلك العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا وإيران. وقد تم توقع هذا الوضع من قبل. وعلى وجه الخصوص، قيل إن الدولار سيستخدم كسلاح ضد روسيا وإيران. والآن، على الرغم من كل هذا، هل ترغب روسيا حقاً بعودة ترامب إلى البيت الأبيض؟

لافروف: شجب دونالد ترامب سياسات الإدارة الحالية التي (كما صرح مباشرة) تدمر دور الدولار وتقوض القوة الاقتصادية للولايات المتحدة التي تعتمد بدرجة كبيرة على الدولار. ويبلغ الدين الوطني للولايات المتحدة 36 تريليون دولار. وتبلغ الفائدة على الدين الوطني الأميركي وحده تريليون دولار سنويا. هذا من دون الجزء الأكبر من هذا الدين.  وقال ترامب بصراحة إن العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن باستخدام قدرات الدولار كعملة احتياطية عالمية مدمرة للاقتصاد الأمريكي، ومضرة للاقتصاد الأمريكي.

وأنا أتفق معه. فضلاً عن ذلك فإنني أتفق معه ليس لأنني أريد ذلك، بل لأن الغالبية العظمى من البلدان أصبحت حذرة بشأن أي عمليات في الاقتصاد العالمي تعتمد فيها على الدولار. الاعتماد ما زال  قائما. وبقي ضخما، بما في ذلك اعتماد الصين الشعبية، والهند، وأغلب اقتصاديات العالم. لقد أدركوا إن الاعتماد كظاهرة تخلق  الخطر على تنمية البلدان. يتم تدريجيا، استبدال الدولار بالانتقال إلى الحساب بالعملات الوطنية.

واقترح الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في قمة بريكس العام الماضي، التفكير في إنشاء منصة دفع بديلة يمكن أن يستخدمها أعضاء بريكس والدول المهتمة الأخرى. وقد تم تدوين  مثل هذا التكليف للقمة التي ستعقد في قازان، والتي سيرأسها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وينبغي لنا أن نتلقى تقريرا من وزراء المالية والبنوك المركزية لدول بريكس حول كيفية إنشاء منصات دفع بديلة. ونحن ننفذ مع جمهورية الصين الشعبية أكثر من 90% من حجم تجارتنا بالعملات الوطنية، دون استخدام الدولار. وفي العلاقات التجارية مع الهند يصل هذا الرقم إلى 60 بالمئة. لقد بدأنا في التحول إلى مثل صيغ  التعاون هذه مع معظم البلدان. من الواضح أن الولايات المتحدة تواصل طباعة الدولارات وتستخدم هذه الأوراق النقدية المنخفضة القيمة لمواصلة سياسة الضغط الاقتصادي على البلدان الأخرى. ولكن هذا العصر ينحدر نحو الأفول.

سؤال: بالطبع لا يمكن فصل السياسة والاقتصاد والعلاقات مع أوروبا. لماذا لم توقف روسيا تصدير الغاز إلى أوروبا، رغم كل السلبية التي تأتي من هذا الجانب؟ لماذا لا يزال الغاز يتدفق إلى الاتحاد الأوروبي؟

لافروف: نحن أناس محترمون. لقد ابرمنا اتفاقيات طويلة الأجل مع أوروبا. نحن نفي دائما بالتزاماتنا، على عكس أوروبا والولايات المتحدة.

لقد أقمنا منذ عقود عديدة، منذ زمن الاتحاد السوفييتي، منذ السبعينيات، تعاونا متبادل المنفعة في مجال إمدادات الغاز. وبفضل هذا المصدر الموثوق والميسور التكلفة لإمدادات الغاز، عاش قطاع الطاقة الأوروبي، وخاصة الألماني، والاقتصاد ككل.

وقال المستشار أولاف شولتس في مقابلة إن روسيا نفسها أوقفت إمدادات الغاز إلى أوروبا. لماذا يكذب وهو شخص راشد. لماذا الكذب؟ الجميع يعرف جيدا كيف حدث كل ذلك. وحتى في عهد المستشارة ميركل، أجبرت الولايات المتحدة ألمانيا على عدم تشغيل خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 واستخدام الغاز الطبيعي المسال الأمريكي الأكثر تكلفة (الأغلى بكثير). والآن تلبي أوروبا احتياجاتها الأساسية من الغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك الغاز الأميركي. لكن إذا أراد أحد شراء الغاز منا، فإننا لن نتراجع عن اتفاقاتنا أبدا. نحن جيران. لدينا نظام خطوط الأنابيب. وعلى الرغم من تفجير ثلاثة "سلاسل" من أنابيب نورد ستريم، فإن نظام خطوط الأنابيب ما زال سليما، بما في ذلك عبر أوكرانيا، وعبر تركيا، وعبر البحر الأسود. إذا كان الأمر مفيدا للطرفين، فلماذا تطلق النار على قدمك؟ دعوا أوروبا الجميلة "تطلق النار" على قدميها.

قبل عام، قرأت بيانا لوزير الاقتصاد الفرنسيبرونو لومير قال فيه إن الصناعة في أوروبا (فرنسا على وجه الخصوص) تدفع مقابل إمدادات الطاقة أربعة أضعاف ما تدفعه الصناعة في الولايات المتحدة. وهذا ما سعت الولايات المتحدة لتحقيقه، وحققته بالفعل.

إنها دائما تزيل  المنافس. ورأت في روسيا منافسا، فأقامت  نظاما نازيا مناهضا لروسيا والروسية في أوكرانيا، واعدته للحرب ضد بلدنا. لقد كان الاتحاد الأوروبي أيضا منافسا للولايات المتحدة. لكنه لم يعد منافسا ولن يكون كذلك، إذا أفهم بشكل صحيح اتجاهات تنمية القارة الأوروبية.

يجري تفريغ أوروبا من الصناعة. فعندما يبدأ أحد الأصول الرئيسية في ألمانيا - صناعة السيارات - في نقل إنتاجه إلى دول أخرى، وتغلق "فولكس فاجن" المصانع، وتسرح آلاف الموظفين- فإن هذا يعني الكثير.

إن البيروقراطية الأوروبية تتبع بطاعة المسار الذي حددته الولايات المتحدة. لكن المزيد والمزيد من البلدان في الاتحاد الأوروبي بدأت تدرك أن هذا الطريق لا يسير في اتجاه مصالحها، بل باتجاه مصالح شريكهم في ما وراء المحيط.

سؤال: لكي تكتمل الصورة بشكل كامل، لا يسعني إلا أن أسألكم عن الصين. متى سترتقون بالعلاقة من شراكة إلى تحالف؟ وهل سيحدث هذا؟ جرت تدريبات عسكرية، على وجه الخصوص، في بحر اليابان. وتتطور العلاقات بين روسيا والصين بنشاط. فهل يمكن القول إنه سيكون هناك تحالف متماسك بين البلدين؟

  لافروف: هذه العلاقات هي الأفضل طوال تاريخ العلاقات بين روسيا والصين. فهي بالذات استراتيجية

وغالباً ما يسألوننا متى ستنشئون تحالفاً عسكرياً. نحن لسنا بحاجة للقيام بتحالف عسكري. وقد ذكرتم إننا نقوم بانتظام بإجراء تدريبات عسكرية، بما في ذلك التدريبات البحرية والبرية والجوية. وقواتنا المسلحة تتعاون، وتتصادق، وتطور القدرة على العمل معاً، والتدريب معاً. كل هذا دون أي تحالف عسكري مثل حلف شمال الأطلسي. وبالطبع سنواصل تعاوننا الاستراتيجي في كافة المجالات دون استثناء.

حققنا رقما قياسيا في حجم  التبادل التجاري بلغ نحو 230 مليار دولار في عام 2023. والان الاتجاه نحو الزيادة اللاحقة. ولدينا تعاون وثيق متبادل المنفعة في مجال الطاقة وكل ما يرتبط بإمدادات الغاز والطاقة النووية.

إن علاقاتنا الثقافية والإنسانية والتعليمية تتطور. وتتزايد شعبية اللغة الروسية  في الصين، في حين يتزايد الأقبال في روسيا على تعلم اللغة الصينية. نحن دولتان عظيمتان وأمتان عظيمتان، فضلاً عن كوننا جيرانا مباشرين. ولدينا مصالح مشتركة في ضمان أمننا، ولا سيما في ظل الظروف التي تحاول فيها الولايات المتحدة  دفع بنية الناتو إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتقوم هناك بإنشاء منظمات تكتلية  مثل "آوكوس"  وغيرها من منظمات ثلاثية ورباعية. وبالطبع، يتم كل هذا بهدف معلن بصورة سافرة، وهو احتواء الصين وروسيا. يجب أن نكون يقظين، وهذا يقربنا من بعضنا البعض. نحن شركاء طبيعيون.

سؤال: ما ذا عن  علاقة روسيا مع دولة الإمارات العربية المتحدة؟ لاحظنا أن العلاقة قد وصلت إلى مستوى جديد نوعيا. تلعب الإمارات العربية المتحدة دورا مهما بين روسيا وأوكرانيا في عودة العسكريين الواقعين في الأسر. وهذا دور مهم للغاية. ما تعليقكم على ذلك؟

لافروف: العلاقات مع جميع الدول العربية، من دون استثناء، بما في ذلك الدول الست في الخليج، تستند إلى اجتماعات قادتنا المنتظمة والاتفاقيات الموقعة. وتشمل هذه العلاقات جميع المجالات من دون استثناء. أود أن أشير بشكل خاص إلى تعاوننا في إطار "منظمة أوبك +"، وكذلك في منتدى الدول المصدرة للغاز. هذا أساس مادي وموضوعي جيد لشراكتنا الاستراتيجية مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر ودول عربية أخرى في الخليج.

وبالفعل، يساهم أصدقاؤنا الإماراتيون والسعوديون والقطريون بقسطهم في معالجة القضايا الإنسانية الناشئة  في ضوء عمليتنا العسكرية الخاصة. بما في ذلك، كما ذكرتم، تبادل أسرى الحرب. ونحن نقدر تقديرا عاليا هذا التعاون. إنها لا تجري لغرض الدعاية، وليس لترويج الذات، ولكن بدافع صادق للمساعدة في معالجة مصائر الناس العاديين.

سؤال: السؤال الأخير عن لبنان. نشرت وزارة الخارجية الروسية بيانا يتعلق بالأحداث في لبنان. أي انفجارات أجهزة الاتصال التي استهدفت أعضاء حزب الله. وهذا تصعيد. بما أنكم والرئيس فلاديمير بوتين تحافظون على اتصال مع جميع أطراف الصراع، فما هو تقيمكم لهذا الوضع؟

  لافروف: نحن نعارض أي تصعيد. لكن يا للأسف، هناك من يريد تسخين الوضع إلى أقصى حد، وعلى وجه الخصوص لإثارة القوات المسلحة للولايات المتحدة للتدخل في المنطقة. هذا واضح تماما. أذكر مقتل إسماعيل هنية  بتاريخ 31 يوليو من هذا العام في عاصمة جمهورية إيران الإسلامية. لا أستطيع أن أتخيل وقاحة أكبر من هذه. إنني أقدر تقديرا عاليا أن جمهورية إيران الإسلامية كما يقال لم " تخرج عن طورها"، ولم تنزلق إلى رد عسكري واسع النطاق. وضعوا الرهان على  أن إيران ستقوم بشيء من شأنه أن يجبر الولايات المتحدة على التدخل بقواتها المسلحة.

ربما ما يحدث في لبنان وما حوله شيء مماثل. أعتقد أن حزب الله يتصرف بضبط النفس مقارنة بقدراته. إنهم يريدون استفزازه لنفس الغرض المتمثل بجعل تدخل الولايات المتحدة في الحرب حتميا. يبدو لي أن إدارة جون بايدن تدرك هذا الخطر. بالطبع، لا نريد اندلاع حرب كبرى.

لكن أهم شيء في هذه المرحلة هو وقف كامل لإطلاق النار في قطاع غزة وفي الأراضي الفلسطينية عموما. ومعالجة القضايا الإنسانية بصورة عاجلة، واستئناف إيصال المساعدة في الكميات المطلوبة. وبالضرورة، كخطوة ثالثة، بدء حديث جدي بشأن إقامة دولة فلسطينية. فإن اندلاع أعمال العنف في الشرق الأوسط، بدون ذلك، سوف تستمر.

سؤال: على أي مستوى هي العلاقات بين إسرائيل وروسيا الاتحادية اليوم?

لافروف: شخصيا، لدي علاقات جيدة مع العديد من الزملاء الإسرائيليين، بما في ذلك الزملاء السابقين. وعندما يتحدث الرئيس فلاديمير بوتين عن سياسة الشرق الأوسط، يؤكد التزامنا الكامل بأمن دولة إسرائيل ومصالحها الأساسية.

ليس من قبيل الصدفة أني أشرت إلى ضرورة تنفيذ القرارات التي تطالب بحل قضايا الشرق الأوسط على أساس الدولتين، بحيث توجد دولتان مستقلتان وذات سيادة، إسرائيل وفلسطين، كجارتين طيبتين، آمنتين لبعضهما البعض وللمنطقة بأكملها. هذا النهج الأساسي لا يحتاج إلى تفسير؛ فهو يلبي مصالح كل من إسرائيل وفلسطين.

  نؤكد في جميع تحركاتنا، أنه لن تكون هناك حلول قابلة للتطبيق إذا لم تأخذ في الاعتبار، من بين أمور أخرى، مصالح إسرائيل الأمنية، ولكن ليس على حساب أمن الآخرين.

 

Additional materials

  • Photos

Photo album

1 of 1 photos in album

  • General Information

    Diplomatic and consular missions of Russia

    Qatar

    Embassy of Russia in Doha

    Address :

    PO Box 15404, New Doha (Qatifiya), Area 66, street 804, building 193

    -

    -

    Phone :

    +974 44-83-62-31

    +974 44-83-68-21

    Hotline :

    +974-55-88-76-59

    Fax

    +974 44-83-62-43

    E-mail

    rusemb@qatar.net.qa

    rusembqatar@mid.ru

    Web

    https://qatar.mid.ru

    Twitter 

    Facebook 

    Instagram 

    Telegram 

    Qatar

    Consular Division of the Russian Embassy in Doha

    Address :

    P.O. BOX. 15404, Doha, Qatar New Doha (Qatifiya), Area №66, street №804, Villa No. 8

    -

    Phone :

    +974 44-83-62-31

    +974 44-83-68-21

    Hotline :

    +974 66-28-56-63

    Fax

    +974 44-83-62-43

    E-mail

    rusemb@qatar.net.qa

    www.qatar.mid.ru

    Web

    https://qatar.mid.ru/ru/consular-services/

    Representative offices in Russia

    Qatar

    Embassy of the State of Qatar to the Russian Federation

    Address:

    119049, г. Москва, ул. Коровий вал, 7, офис 196-198 (8 этаж)

    Phone:

    +7 495 980-69-18

    +7 495 980-69-16 (Тел. секретаря г. Посла)

    Fax

    +7 495 980-69-17

    Photo

    • Катар
    • Катар
    • Катар
    • Катар
    • Катар