من الردود على الأسئلة:
سؤال: على وفق ما ذكرت صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية، إن تل أبيب قررت إنزال ضربة "دقيقة وقوية" بإيران ردا على الضربات التي وجهتها طهران بالطائرات بدون طيار والصواريخ على المنشآت العسكرية الإسرائيلية. وجاء هذا القرار بعد المحادثة الهاتفية التي جرت بين وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ورئيس البنتاغون لويد أوستن. وفي الوقت نفسه، وكما ذكرت وكالة " Axios "، فإن لويد أوستن طلب في وقت سابق من نظيره الإسرائيلي عدم المضي لاحقا نحو تصعيد الوضع. ووصفت وزارة الخارجية الصينية ضرب الأراضي الإسرائيلية بأنها موجة جديدة من انتشار النزاع في قطاع غزة، ودعت الأطراف إلى التزام الهدوء وضبط النفس من أجل تجنب التصعيد اللاحق للتوتر. ما تعليقكم على هذا؟ وما هو تقيم روسيا الاتحادية لإمكانية تصعيد النزاع على خلفية موقف إسرائيل؟
الجواب: لقد جرى عرض تقييماتنا للأحداث الأخيرة في المنطقة بالتفصيل في بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية في 14 أبريل من هذا العام. كما تم نقلها إلى المجتمع الدولي في اجتماع مجلس الأمن الدولي بصدد هذه المسألة.
وأود أن أؤكد هنا أيضا إننا ننطلق من موقف موحد مع بكين: ففي ظل ظروف الوضع المتفجر القائم، يتوجب التحلي بأقصى درجات ضبط النفس. وندعو بإلحاح جميع الأطراف المعنية للتصرف بمسؤولية كبيرة، والامتناع عن الأعمال التي يمكن أن تُخرج الوضع عن السيطرة وتؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها – وتصل إلى حرب واسعة النطاق.
وفيما يتعلق بما نُشر عن الاتصالات الأميركية - الإسرائيلية، أنصحكم بطرح هذه الأسئلة على الولايات المتحدة، ولكن لا أنصحكم بالتوجه إلى الولايات المتحدة للتوضيح بعد دعوة الرئيس جون بايدن إسرائيل بعدم ضرب مدينة حيفا الإسرائيلية. فإنها ستربككم فقط.
سؤال: هل يعني قيام الجيش الأمريكي، بصد هجوم إيران على إسرائيل، والمساعدة على إسقاط عشرات الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية، بما ذلك التي أطلقها الحوثيون، أن الولايات المتحدة لا تنوي سحب قواتها من الشرق الأوسط، كيف يمكنكم تقييم تصرفات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟
الجواب: يجب أن تسألوا واشنطن عن خطط الولايات المتحدة لإدخال أو سحب قواتها من مكان ما. ولكن الجميع يدرك أنهم يعتنقون فلسفة استخدام البلدان والمناطق والشعوب لأغراضهم الخاصة: الأنانية والانتهازية، والمؤقتة، والداخلية، والخارجية. انهم دائما يستغلون الوضع.
في هذه الحالة، تكون المشكلة أوسع وأعمق ومروعة أكثر. لا يستخدم السياسيون الأمريكيون و"الدولة العميقة" الوضع في الشرق الأوسط لمصالحهم الخاصة فحسب، بل أخذوا الدول والمنطقة رهينة لسياساتهم (الداخلية والخارجية). ومن دواعي الأسف إن هذا أدى إلى تصعيد جديد مُريع للوضع.
إن تقييماتنا للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، لم تتغير. ونعتقد أن الحالة الراهنة هي إلى حد كبير نتيجة لسياستهم طويلة الأجل المتمثلة في إنشاء خطوط تقسيم في المنطقة. من المستحيل إلغاء قرارات مجلس الأمن الدولي دون إيجاد وسيلة قانونية وإجرائية لتغييرها، ولكن من الممكن تشجيع البلدان على عدم تنفيذها. والولايات المتحدة تمارس ذلك بصورة علنية.
ويعلنون في مجلس الأمن عن إنه لا ينبغي تنفيذ عدد من أحكام قراراته. لقد قضوا على الآليات القانونية الدولية لتنفيذ قرارات اللجنة الرباعية المعترف بها وغيرها من إمكانيات المباحثات.
ويرسم هذا النهج إلى حد كبير خط واشنطن في الشؤون الفلسطينية. إن الأزمة التي لم يسبق لها مثيل في قطاع غزة كانت نتيجة للركود الذي أصاب عملية التسوية، على خلفية محاولات الولايات المتحدة دفع بلا شريك رؤيتها للتطبيع العربي - الإسرائيلي وتطور الوضع في المنطقة برمتها. وفي الوقت نفسه، جرى تأجيل تسوية المشكلة الفلسطينية "إلى أجل غير مسمى".
وكما قلنا مرارا إن تعزيز وجود عسكري أجنبي في منطقة النزاع المسلح، ولا سيما تعزيز المجموعة الأمريكية في شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، ينطوي على خطر تواصل التصعيد.
سؤال: هاجمت إيران في نهاية الأسبوع الماضي، إسرائيل. وإذا اتخذت إسرائيل وحلفاؤها إجراءات انتقامية ضدها. هل ستساعد روسيا طهران؟
الجواب: لا تنظر الدبلوماسية في الصيغ الشَرْطية، ولكنها تعمل وفقا لقوانين أخرى.
ومن أجل فهم أفضل للوضع سنعيد التسلسل الزمني الصحيح للأحداث. اكتسبت الخطوات التي اتخذتها إيران ليلة 14 أبريل من هذا العام طابعا محدودا ودقيقا، وبحسب بيانات مسؤولين إيرانيين فقد استدعاها الهجوم الذي شنته طائرات إسرائيلية على مبنى القسم القنصلي بالسفارة الإيرانية في دمشق، في 1 أبريل من هذا العام في انتهاك للقانون الدولي.
وقد صرحت إيران علنا بأن العملية العسكرية، التي كانت حصرا رد فعل على الأعمال العدائية الإسرائيلية، قد اكتملت، ولا تنظر في استئنافها ما لم ترتكب السلطات الإسرائيلية استفزازا جديدا. إن طهران، مثل جميع دول المنطقة، غير معنية بتصعيد التوتر.
لذلك، سيكون من الخطأ ومن غير المناسب الحديث الآن عن إجراءات ما للرد. ومن المهم منع الوضع من الوقوع في تصعيد لا يمكن التحكم فيه: لأنه يهدد بأخطر العواقب على الشرق الأوسط بأسره. ونحن نفعل كل ما في وسعنا لهذا الغرض. وأثناء الاتصالات المكثفة التي تجري على مختلف المستويات هذه الأيام، ندعو جميع الأطراف المعنية، إلى توخي الحذر وضبط النفس. ويحدونا الأمل بأن جهودنا ستسفر عن نتيجة.
أود أن ألفت الأنظار إلى أن إيران، في الوقت الذي قدمت فيه التوضيح والحجج لردها على الهجوم من إسرائيل، شددت على أنه كان من الممكن تجنب ذلك لو أن مجلس الأمن الدولي شجب ممارسات تل أبيب عديمة الصلاحية (وأي دولة أخرى) – بأنزال ضربة استهدفت بشكل مقصود مقر دبلوماسي وقنصلي. إن مجلس الأمن مدعو إلى ضمان الأمن والاستقرار الدوليين للبلدان والشعوب. وبعد أن لم ترَ أي شجب، اضطرت إيران (أعلنت طهران ذلك مرارا) على اتخاذ إجراءات انتقامية بصفة وطنية. رغم أن البلاد راهنت في البداية على تحرك المؤسسات القانونية الدولية، التي كان من المفترض أن تحل هذا الوضع دون أن تؤدي إلى إجراءات انتقامية.
الآن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا فشل مجلس الأمن الدولي للتعامل مع هذا الوضع؟ هناك سبب واحد فقط هو أن الولايات المتحدة أحبطت العمل. أن روسيا الاتحادية وكما قامت سابقا بتعبئة العمل في مجلس الأمن، وإمكانيات القانون الدولي في منصة الأمم المتحدة، سنواصل على هذا النحو مزاولة في هذا النشاط الدبلوماسي للسياسة الخارجية. ولكن من المهم تظافر جهود المجتمع العالمي بأسره. وعليه دعوة واشنطن إلى التوقف عن عرقلة عمل مجلس الأمن الدولي في الحالات البديهية والجلية، عندما تكون هناك ضرورة إلى الكلمة الحاسمة لهذه الهيئة من المنظمة العالمية، التي ينبغي عليها منع مثل هذا التصعيد للأحداث، مع امتلاك السلطة والأدوات اللازمة للقيام بذلك.
سؤال: لم يتحقق حتى الآن وقف إطلاق النار في قطاع غزة. كيف تنظر روسيا إلى هذا الوضع وما ستفعل للمساعدة في تحقيق وقف إطلاق النار في قطاع غزة؟
الجواب: إن موقفنا من هذه المسألة معروف. وهو يكتسب طابعا ثابتا. ومنذ بداية هذه الأزمة الحادة، تحدثنا مرارا سواء منصات المنظمات الدولية أو خلال الاتصالات الثنائية، عن ضرورة التوصل إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار في قطاع غزة، وتقديم المساعدة الإنسانية العاجلة لسكانه.
وبالتعاون مع الأطراف ذات التفكير المماثل، حققنا في 25 مارس من هذا العام تبني مجلس الأمن الدولي قرارا يتضمن مطلبا واضحا بوقف القتال في قطاع غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إليه، وهو القرار الذي صوت عليه جميع أعضاء المجلس باستثناء الولايات المتحدة. وقبل ذلك، كانت روسيا ودول أخرى قد حاولت مرارا تبني مثل هذا القرار بتقييمات مماثلة وعرض تطور مسار الأحداث. وما يدعو للأسف إن الولايات المتحدة أحبطتها في كل مرة
وللأسف، واصلت إسرائيل عمليتها العسكرية في القطاع، رغم القرار الذي جرى تبنيه. وقد تجاوز عدد الضحايا 100 ألف شخص. ومن بين القتلى والجرحى العديد من الأطفال والنساء والشيوخ. وفي ظل هذه الظروف، تتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، إن خطر مجاعة جماعي حقيقي يهدد سكان القطاع الآن.
ونعتقد أن المسؤولية عن الوضع الكارثي الحالي تقع إلى حد كبير على عاتق الولايات المتحدة، التي أخذت على عاتقها مسؤولية مصير التسوية في الشرق الأوسط من خلال عرقلة عمل مجلس الأمن وتصفية آليات تنفيذ قرارات القانون الدولي. وعرقل الأميركيون في البداية، على مدى نصف عام، مشاريع قرارات لمجلس الأمن الدولي التي هدفت إلى وقف إطلاق النار طويل الأمد، بما في ذلك الوثيقة المتوازنة التي أعدتها روسيا الاتحادية. وفي مواجهة رفض الأغلبية الساحقة من دول العالم لهذا الخط غير البناء، وخطر البقاء معزولة، اضطرت الولايات المتحدة في 25 مارس من هذا العام، إلى الامتناع عن التصويت. ولكن شرع ممثلوها على الفور تقريباً في التقليل من قيمة قرار المجلس، وصولوا في كلامهم إلى درجة كما يقولون إنه "غير ملزم". وأثارت هذه التصريحات عاصفة من الانتقادات في جميع أنحاء العالم لأنها تتعارض بصورة مباشرة مع ميثاق الأمم المتحدة.
وجرى مرارا لفت الأنظار في اجتماعات مجلس الأمن بشأن الشرق الأوسط إلى مثل هذا السلوك غير المسؤول للأمريكيين، والذي ساهم عمليا في استمرار سفك الدماء وتفاقم معاناة سكان قطاع غزة. ومن جانبنا، سنواصل بذل جهود متواصلة، بالتنسيق مع الشركاء ذوي التفكير البناء، لإنهاء الأعمال العدائية في أسرع وقت ممكن وتوفير الظروف اللازمة لتقديم المساعدة الإنسانية لسكان قطاع غزة.
سؤال: كيف تقيم وزارة الخارجية الروسية المخاطر التي قد يتعرض لها المواطنون والموظفون الدبلوماسيون لروسيا الاتحادية في منطقة تفاقم النزاع الإيراني - الإسرائيلي؟ وهل تعرض أي من مواطني روسيا لإصابة نتيجة الضربات الإيرانية الأخيرة، وهل هناك أي اتفاقيات مع الأطراف المتنازعة كي لا يتعرض مواطنونا للخطر خلال الضربات المحتملة؟
الجواب: لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا في صفوف موطني روسيا سواء نتيجة هذا الهجوم الجوي، أو نتيجة رد الفعل الإيراني المقابل.
ونلفت الأنظار إلى إشارات طهران بأنها غير معنية بمواصلة التصعيد في المنطقة. ونحن ندعو جميع الأطراف المعنية، في الاتصالات على مختلف المستويات، إلى ممارسة الحيطة وضبط النفس لتجنب أي سيناريو سلبي لتطور الأحداث. ويحدونا الأمل أن يدرك الجميع مدى خطورة الأعمال الاستفزازية الجديدة المحفوفة بأخطر التعقيدات على السلام والأمن في الشرق الأوسط.
ونطلب مرة أخرى من مواطني روسيا الاتحادية في المنطقة أن يتابعوا بعناية الرسائل والتوصيات المنشورة على قنوات المعلومات الخاصة بوزارة الخارجية الروسية والموارد الرسمية للبعثات الدبلوماسية لبلدنا في الدول ذات الصلة.