إحاطة نائب مدير إدارة الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية أندريه ناستاسين، موسكو، 31 يوليو/ تموز 2024

1455-31-07-2024

بشأن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية

نستنكر بشدة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية، إسماعيل هنية، إثر هجوم صاروخي على مقر إقامته في طهران. وما يلفت الانتباه أن هذا الهجوم نُفذ أثناء وجود زعيم حماس في إيران، حيث كان بدعوة رسمية للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بيزشكيان.

ومن الواضح أن منظمي هذا الاغتيال السياسي كانوا يدركون العواقب الخطيرة التي ينذر بها هذا العمل على المنطقة برمتها. ولا شك أن اغتيال هنية  سينعكس بصورة  سلبية للغاية على مسار الاتصالات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل، التي يجري في إطارها الاتفاق على شروط مقبولة للطرفين لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

ونناشد مرة أخرى بإلحاح جميع الأطراف المعنية للتحلي بضبط النفس والامتناع عن الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى تدهور دراماتيكي في مجال الأمن في المنطقة، وتثير مواجهة مسلحة واسعة النطاق.

بصدد الضربة الإسرائيلية على بيروت

 

بحسب المعلومات الواردة، أنزلت طائرة إسرائيلية بدون طيار مساء يوم 30 يوليو من هذا العام ضربة صاروخية بمبنى سكني في منطقة مكتظة بالسكان في الضاحية الجنوبية لبيروت بالقرب من أحد أكبر مستشفيات لبنان، "مستشفى بهمن". و أعلنت تل أبيب في وقت لاحق، عن تصفية قائد عسكري بارز في حزب الله اللبناني، الذي حملته إسرائيل مسؤولية قصف قرية مجدل شمس في هضبة الجولان.

وبحسب معلومات وزارة الصحة اللبنانية، فقد أسفر الهجوم عن  مقتل امرأة وطفلين. وأصيب أكثر من 80 شخصا. ووفقا للبيانات المتاحة، لم يُصب المواطنون الروس بأذى. تعرضت مؤسسة” بهمن" الطبية لأضرار جسيمة.

نستنكر بشدة هذا العمل القائم على القوة الذي قامت به إسرائيل، والذي مًثَّلَ انتهاكا فظا لسيادة لبنان والقواعد الأساسية للقانون الدولي. ونرى أن من غير المقبول القيام  بمثل هذه العمليات العسكرية، ولا سيما في المناطق المكتظة بالسكان، والمنذرة بعواقب سقوط عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية.

ونعرب عن قلقنا العميق في ضوء التصاعد الخطر لتفاقم الوضع بصورة حادة في الشرق الأوسط، على هذه الخلفية. ونناشد الأطراف المعنية التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وعدم اتخاذ الخطوات التي من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من التصعيد غير المنضبط وانزلاق المنطقة إلى مواجهة مسلحة واسعة النطاق ذات عواقب كارثية.

وفي ضوء التصعيد الملحوظ للوضع العسكري -  السياسي، نُذَكر مواطنينا مرة أخرى بتوصيات وزارة الخارجية الروسية سارية المفعول، بالامتناع عن السفر إلى لبنان.

 

في الذكرى الثمانين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفييتي ولبنان

أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفييتي ولبنان في 5 أغسطس 1944، وكانت موسكو من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال هذا البلد، الذي حافظنا معه على مدى السنوات الثمانين التالية على علاقات ودية في المجالات السياسية، والتجارية، والاقتصادية، والإنسانية.

إن تاريخ التعاون الثنائي بين بلدينا يعود إلى الماضي السحيق. فقد قرر الإمبراطور نيكولاي الأول في عام 1839  نقل القنصلية الروسية من يافا إلى بيروت.  وتوجه سيل الحجاج الرئيسي من روسيا إلى الأراضي المقدسة، عبر لبنان. وعملت حتى عام 1917 عشرات المدارس الروسية في لبنان، التي أدارتها الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية.

وساهمت بلادنا في إنهاء الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت 15 عاماً (1975-1990)، ونزاعها المسلح مع إسرائيل في يوليو وأغسطس 2006. وقد تكثفت اتصالاتنا السياسية بشكل ملحوظ منذ التسعينيات، وجرى توسيع الإطار القانوني للعلاقات بشكل كبير، وجرى إًنشاء اللجنة الحكومية الثنائية للتعاون التجاري والاقتصادي. وتلقى آلاف اللبنانيين التعليم في المؤسسات التعليمية في الاتحاد السوفييتي وروسيا.

وكانت شراكتنا مع بيروت منذ البداية، مبنية على الاحترام المتبادل ومراعاة المصالح المشروعة لبعضنا البعض. إن روسيا تسترشد دائما بموقفها المبدئي الداعم لسيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه. إننا ننطلق من أن جميع القضايا المطروحة على جدول الأعمال الوطني يجب أن يحلها اللبنانيون أنفسهم في الإطار القانوني، من خلال الحوار بين جميع القوى السياسية والدينية الرائدة في البلاد.

وتستمر اليوم، العلاقات الثنائية المتعددة الأوجه بين روسيا والجمهورية اللبنانية في التطور باستمرار لصالح شعبينا الصديقين، بما يخدم تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.  وندعم الحوار السياسي المبني على الثقة. وتجري اتصالات منتظمة في المجال الثقافي -الإنساني، والتعاون مثمر في مجال التعليم. وتتاح  كل عام لمواطني لبنان الفرصة للدراسة في الجامعات الروسية على نفقة الميزانية الفيدرالية ضمن حصة حكومة روسيا الاتحادية.

 ويكن الروس التعاطف الصادق والعميق لشعب الجمهورية اللبنانية. تهانينا لأصدقائنا وزملائنا اللبنانيين في عيدنا المشترك ونتمنى لهم التوفيق والنجاح!

 

من الأجوبة على الأسئلة:

 

سؤال: لقد تناولتم في بداية الإحاطة، موضوع التصعيد الحاد في منطقة الشرق الأوسط. هل يمكن الحديث عن تنامي خطر نشوب نزاع واسع النطاق في هذه المنطقة؟

الجواب: أدلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتعليق مفصل حول هذا الموضوع عقب المحادثات التي جرت في كوالالمبور في 28 يوليو من هذا العام.

ظلت المنطقة تتأرجح على شفا نزاع ذي بعد عالمي منذ عدة أشهر. ومن دواعي الأسف، ليس ثمة حتى الآن آفاق مرئية لتغيير ديناميكيات الوضع. وتواصل أطراف النزاع "رفع الرهانات". ويؤدي هذا إلى زيادة عدد الضحايا بين المدنيين، وتدمير البنية التحتية المدنية، وزيادة تكلفة الأخطاء العسكرية المحتملة، التي قد تفضي عواقبها إلى إغراق الشرق الأوسط في مواجهة واسعة النطاق.

وفي الوقت نفسه، تشهد اتصالات دبلوماسي بلدنا في المنطقة إلى أن الدول الواقعة هناك، ومن دون استثناء، تسعى جاهدة لتجنب السيناريو المأساوي. ونحن على قناعة بأن هذه الدول تمتلك الإرادة السياسية اللازمة وكل الإمكانيات، للتغلب على النزاعات عن طريق الحوار وليس المواجهة. وتتلخص مهمة اللاعبين الخارجيين في دعم هذا الموقف بكل السبل الممكنة، وعدم العمل وفق نموذج "أفعال التوازن" الذي يفضله الغرب، والذي يؤلب بعض القوى الإقليمية على بعضها البعض. ونشير بشكل خاص إلى أهمية الإطار القانوني الدولي اللازم للتسوية الفلسطينية - الإسرائيلية، وبمعنى أوسع، المواجهة العربية الإسرائيلية.

ويدور الكلام في المقام الأول عن قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تتعايش بسلام وأمن مع إسرائيل. وهناك آليات لتنسيق المواقف بشأن قضايا التسوية في الشرق الأوسط:  المتمثلة ب "رباعية" الوسطاء الدوليين التي تتألف من روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهيئات منظمة الأمم المتحدة لتهدئة الوضع على الخط الأزرق اللبناني - الإسرائيلي ومرتفعات الجولان.

ولكن يتشكل شعور بأن ليس كل الأطراف الخارجية مهتمة بتعزيز منطق السلام ورفض سيناريوهات القوة في الشرق الأوسط. إنهم يفضلون فرض "ذهنية التكتلات والأحلاف" على المنطقة وتغذية "بؤر" التوتر. وبدلاُ من اتخاذ خطوات عملية تهدف إلى استئناف عملية السلام الشاملة، فإنهم يعرقلون أية محاولات تهدف إلى تنظيم جهود دبلوماسية جماعية في مجال التسوية في الشرق الأوسط، كما قامت الولايات المتحدة، ثم الاتحاد الأوروبي بالانسحاب من "رباعي" الوسطاء الدوليين. وبالتالي، فإنهم لا يسمحون للاعبين الدوليين والشرق أوسطيين بطرح مبادرات سلام. وإن الرغبة المهوسة للدول عديمة الضمير، وفي المقام الأول الولايات المتحدة، في "احتكار" العمليات الإقليمية هي التي بالذات أدت إلى العواقب المأساوية التي نحن شهودها اليوم.

وتواصل الدبلوماسية الروسية، التي تعتمد على الثقة العالية بها من جميع القوى الإقليمية، العمل بنشاط من أجل استقرار الوضع في الشرق الأوسط. وإننا نخصص، في إطار تهيئة الظروف لاستئناف عملية السلام وبالتنسيق مع شركائنا الصينيين، مكانة مهمة للتغلب على الانقسام الفلسطيني على أساس البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية. وإنها تقضي بالالتزام بالقرارات الدولية بشأن القضية الفلسطينية - الإسرائيلية. ويهدف إنجاز هذه المهمة إلى التوحيد السياسي - الإداري للأراضي الفلسطينية - الضفة الغربية وقطاع غزة – بمثابة أساس لإقامة دولة فلسطين ذات السيادة.

سؤال: يعرف العالم سره بأن الإدارة الإسرائيلية قتلت 40 ألف شخص في فلسطين، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال. وعلى الرغم من ذلك، استقبل الكونجرس الأمريكي نتنياهو كبطل وصفق له لفترة طويلة. كيف تقيمون هذا الموقف من أعضاء الكونجرس الأمريكي؟

الجواب: ليحكم الناخبون على أعضاء الكونجرس الأمريكي وموقفهم من أي شيء.

إننا نؤيد استئناف عملية السلام الشاملة في المنطقة، واستقرار الوضع، والتخلي عن سيناريوهات استعمال القوة. ويجب أن يجري ذلك بالتوافق التام مع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

سؤال: لقد انضمت الولايات المتحدة إلى العدوان الإسرائيلي على لبنان وإيران. كيف تقيمون تصرفاتهم؟

الجواب: نؤكد موقفنا الثابت الذي ينحصر بأنه وفي ظل الوضع المترتب المهدد بالانفجار ومحاولات مواصلة تصعيده، من الضروري إبداء أقصى درجات ضبط النفس. ونناشد بإلحاح جميع الأطراف المتورطة، التحرك بأقصى حد من المسؤولية، والامتناع عن أي أعمال من شأنها أن تُخْرج الوضع عن نطاق السيطرة، تستبعه عواقب لا يمكن إصلاحها - بما في ذلك أعمال قتالية واسعة النطاق.

سؤال: ترى سورية أن إسرائيل متورطة في قصف مدينة مجدل شمس في هضبة الجولان. ويفسر "حزب الله" الحادث بأنه سقوط صاروخ إسرائيلي معترض. وتعتقد إسرائيل أن الضربة نُفذت بصاروخ  إيراني من ترسانة "حزب الله" وتتوعد برد "عنيف". وأكدت واشنطن "ثبات" دعمها لإسرائيل. ودعا جوزيب بوريل إلى إجراء تحقيق دولي مستقل. ما هو موقف روسيا؟

الجواب: لا يسعني إلا أن أكرر أن موقف روسيا ثابت وينحصر بضرورة إبداء أقصى درجات ضبط النفس في ظل الوضع المهدد بالانفجار. ومن المهم توضيح كافة تفاصيل هذا الحادث المأساوي. ونناشد الأطراف المعنية على التحرك بمسؤولية قدر الإمكان والامتناع عن أي إجراءات يمكن أن تُخْرج الوضع عن السيطرة تستبعها عواقب لا يمكن إصلاحها.