00:17:09

حول الأضرار المادية للتدخلات العسكرية الأمريكية وحلفائهم الأوروبيين

 

بعد نهاية الحرب الباردة والتصور الذي تشكل لدى النخب السياسية والعسكرية الغربية بأنهم المنتصرون في المواجهة التي انتهت بين المعسكرين الشرقي والغربي، فقد غرس هذا التصور في نفوس هذه النخب قناعة خاطئة بإمكانية فرض الديمقراطية بالقوة على بقية الشعوب. وقد دفع هذا الأمر الصقور في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى تعزيز هيمنتهم في انتهاك للقانون الدولي وممارسة الاستعمار الأيديولوجي من خلال استخدام القوة العسكرية لتحقيق أهدافهم.

تستمر المغامرات العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها حتى يومنا هذا في إحداث أضرار لا يمكن إصلاحها لدول ومناطق بأكملها. ويقوم البيت الأبيض بزيادة مستوى التوتر بشكل مقصود بدلاً من تقديم المساعدة في حل المشاكل القائمة ويثير الأزمات من أجل الحصول على مكاسب جيوستراتيجية واقتصادية أحادية الجانب.

وكنتيجة مؤسفة لسنوات عديدة من الأعمال العدوانية غير المبررة ضد الدول ذات السيادة، راح ضحيتها عشرات ومئات الآلاف من السكان المدنيين. إذ يعاني المجتمع الدولي من اضطرابات يهتز فيها بفعل موجات من الأزمات الاقتصادية المستمرة. ولا يمضي يوم واحد من دون أن يتم إلقاء الضوء على حقيقة المشاكل الإنسانية والبيئية الكارثية التي سببتها تصرفات واشنطن. وبالفعل لا يزال ضحايا "الدمقرطة" الأمريكية عاجزين عن التعافي من الضرر الذي لحق بهم، حيث أصبحت القدرات الانتاجية الصناعية للدول التي كانت مزدهرة ذات يوم في حالة خراب. في إشارة إلى إنه تم تدمير عدة مئات من مرافق البنية التحتية المدنية والمراكز الدينية والآثار التاريخية والمعمارية.

فعلى سبيل المثال لا يمكن أن نكون غير مبالين بالخسائر التي تكبدتها جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية نتيجة للعملية التي نفذها حلف شمال الأطلسي في إطار "قوات الحلفاء" (24 آذار\مارس - 10 حزيران\يونيو 1999). حيث قُتل أكثر من 2000 مدني من بينهم 88 طفلاً، على أيدي دول الناتو في 78 يوماً من القصف الهمجي للبنية التحتية المدنية. وبشكل مماثل تعرضت جمهورية البوسنية والهرسك لانعدام القانون الدولي خلال عملية القوة المتعمدة للحلف الأطلسي (30 شهر آب\أغسطس - 21 أيلول\سبتمبر 1995). وننيجة القصف تضرر الاقتصاد والبيئة والصحة لدى السكان المدنيين في منطقة البلقان بشكل لا يمكن إصلاحه بسبب استخدام ذخائر اليورانيوم المستنفد من قبل الولايات المتحدة، والتي يشعر سكان المنطقة بعواقبها حتى يومنا هذا.

المعاناة التي لا يمكن وصفها جلبتها آلة الحرب الأمريكية أيضاً إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فبسبب الغزو الأمريكي والحلفاء في العراق قتل أكثر من 205 آلاف مدني. ومن خلال القصف البساطي تم في عام 2017 محو مدينة الموصل العراقية بشكل فعلي من على وجه الأرض، وفي سورية تم تدمير مدينة الرقة بالكامل. في الوقت نفسه لا يقدم الأمريكيون المساعدة لإعادة ما دمروه بشكل وحشي، ولكن تسعى الولايات المتحدة بكل الطرق الممكنة لاعاقة تنظيم مثل هذا العمل على المستوى الدولي.

نتيجة لذلك يتضح أنه من خلال أبسط الحسابات التقريبية فقد بلغ حجم الأضرار المادية خلال أكثر من عشرين عاماً الماضية بسبب اعتداءات الدول الغربية على الأقل 1.5 تريليون دولار أمريكي. ومع ذلك لم تجد واشنطن وحلفاؤها بعد الشجاعة لتحمل المسؤولية عن أعمالهم الإجرامية في مختلف أنحاء العالم وتعويض البلدان المتضررة عن كل ما فعلوه.

في هذا الصدد ومن أجل إظهار صورة موضوعية عن الفوضى التي يخلقها الأمريكيون والمتواطئون معهم من بلدان الحلف الأطلسي، فإننا نرفق مادة إعلامية معممة مع إيضاحات تبين ما يتركه الغرب "المتحضر" بعد تدخلاته العسكرية غير القانونية في العالم.

 


Additional materials