كلمة وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف وردوده على أسئلة وسائل الإعلام، بعد محادثاته مع وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية فيصل المقداد. موسكو 23 أغسطس/ آب 2023
سيداتي وسادتي المحترمون،
أجرينا مفاوضات مكثفة مع وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية فيصل المقداد. وجرت كما هو تقليديا في جو ودي مبني على الثقة.
لقد أولينا اهتماماً خاصاً للوضع في سوريا وما يتعلق بها. وجدد الجانب الروسي دعمه المستديم لضرورة احترام سيادة واستقلال وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، وحق السوريين في تقرير مستقبلهم بشكل مستقل بما يتماشى تماما مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
ركزنا على مهام تعزيز تسوية شاملة في الجمهورية. وأكدنا أهمية صيغة أستانا التي تثبت باستمرار دورها باعتبارها الآلية الدولية الأكثر فاعلية للمساعدة في تحقيق التطبيع طويل الأمد للوضع. واستعرضنا النتائج الرئيسية للاجتماع الذي عقد في طهران في 19 يوليو من هذا العام. قمة الدول - الضامنة لهذا الشكل. ونأمل بعقد الاجتماع الدولي التاسع عشر القادم بشأن سوريا، في نور سلطا قبل نهاية العام.
تحدثنا عن أنشطة اللجنة الدستورية السورية، التي تأسست بقرار من مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي عام 2018، برعاية ثلاثي أستانا. سنواصل لاحقا في المساهمة في تنظيم عمل مثمر للجنة الدستورية، حتى يتمكن السوريون أنفسهم، دون تدخل خارجي، من التوصل إلى اتفاق بشأن الإصلاح الدستوري. ويجب أن تتم الموافقة عليه من خلال تصويت شعبي بعد التوصل إلى الاتفاق ذي الصلة. وسنواصل علاقاتنا مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن في هذا المجال.
ناقشنا الوضع الإنساني في الجمهورية مع التركيز على مهمة زيادة المساعدات الدولية لدمشق لغرض إعادة الإعمار بعد النزاع. وأكدنا على أهمية ضمان التنفيذ الصادق لأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2642 الذي تم تبنيه في يوليو من هذا العام. والقاضي بوجوب أن يقدم المانحون والأمانة العامة للأمم المتحدة تقريرا عن عن كيفية تنفيذ دعوة مجلس الأمن لدعم مشاريع من أجل التعافي السريع للبنية التحتية الأساسية في سوريا.
أكدنا مجددا عزمنا على مواصلة الجهود الحثيثة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم. ويعرقل هذا العمل المقاربات المسيسة للدول الغربية، التي تعمل في الواقع على إجبار الذين اضطروا للنزوح من سوريا، على البقاء في بلدانهم دون الإعلان عن ذلك بشكل مباشر.
تحدثنا بالتفصيل عن قضايا تعاوننا الثنائي، والتي تشمل تقريبا جميع مجالات العلاقات بين بلدينا. لدينا رغبة مشتركة في التنمية اللاحقة للتعاون في جميع المجالات. أما بالنسبة للاقتصاد، فقد أكدنا الدور التنسيقي للجنة الروسية ـ السورية الدائمة للتعاون التجاري، والاقتصادي، والعلمي، والتقني. وعقد الاجتماع الأخير لرؤسائها المشاركين في مايو من هذا العام في موسكو. اتفقنا على عقد اجتماع كامل قبل نهاية هذا العام، حيث سيتم إعداد مجموعة رصينة من الوثائق.
ندين بشدة ممارسات إسرائيل الخطيرة المتمثلة في توجيه ضربات في الأراضي السورية، بما في ذلك الحدث المقلق للغاية عندما تعرض مطار دمشق الدولي للهجوم في 10 يونيو من هذا العام، وكذلك الغارات اللاحقة بالقرب من ميناء طرطوس. نطالب إسرائيل باحترام قرار مجلس الأمن الدولي، وكذلك احترام سيادة الجمهورية العربية السورية وسلامتها الإقليمية. يجب ألا ينتهك أي كان سيادة سوريا ولا المعايير الأساسية للقانون الدولي. وهذا ينطبق أيضا على عدد من الدول الأخرى التي تمارس أنشطة غير مشروعة في الأراضي السورية. وتحدثنا عن النشاط ألأمريكي المتعلقة بتشجيع الميول الانفصالية في انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي.
ناقشنا الوضع في الشرق الأوسط بمعنى أوسع. وأعربنا عن ارتياحينا المشترك للتقدم المحرز في تطبيع العلاقات بين الجمهورية العربية السورية والدول العربية الأخرى الأعضاء في جامعة الدول العربية. نحن على استعداد للمساعدة بكل الطرق الممكنة في تكثيف تطوير هذا الاتجاه الإيجابي.
أعربنا عن امتناننا لأصدقائنا السوريين على تفهمهم الكامل لما يحدث في أوكرانيا وما يتعلق بها. وأكد الشركاء دعم روسيا لتحقيق الأهداف التي وضعتها. وتدرك دمشق الأسباب التي أدت إلى نشوء الوضع الحالي، والتي تتمثل في حقيقة أن الغرب يرفض منذ عقود رفضا قاطعا الوفاء بالتزاماته في احترام مبدأ الأمن غير القابل للتجزئة، وخلافا لوعوده، استمر في توسيع حلف الناتو إلى الشرق، وفي الوقت نفسه نقل بنيته التحتية العسكرية إلى حدود روسيا الإتحادية والمصادقة على الوثائق العقائدية التي تصف روسيا بالخصم وبالعدو بصورة مباشرة.
وقدرنا إعلان دمشق في يونيو من هذا العام، بالاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين. ونرى في هذا التزام أصدقائنا السوريين بالمبدأ الأساسي الذي ينص على أن للشعوب الحق في تقرير مصيرها، بنفسها. فلم تعترف الدولة الأوكرانية بالحقوق المشروعة لسكان منطقتي دونيتسك ولوغانسك ولم تمثل مصالحهم. في هذه الحالة، ينص إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مبادئ القانون الدولي لعام 1970 على الاعتراف الكامل بأولوية حق الشعب في تقرير المصير إذا فشلت الحكومة المركزية في تمثيل مصالحه. وأعتقد بأن ليس هناك حاجة إلى اقتناع أحد بأن نظام كييف قد توقف منذ فترة طويلة عن مراعاة في مصالح السكان في دونباس.
اتفقنا على مواصلة تنسيقنا الوثيق لجهودنا في الأمم المتحدة للدفاع عن مبادئ القانون الدولي. لدينا شكل مشترك آخر – وهو مجموعة الأصدقاء المدافعين عن ميثاق الأمم المتحدة. تضم لهذه المجموعة أكثر من عشرين دولة. سوف ندافع عن أولوية المبادئ المنصوص عليها في ميثاق منظمة الأمم المتحدة، التي تتعرض حاليا لهجوم عدواني من قبل "الغرب الجماعي" بقيادة الولايات المتحدة.
أعتقد أن هذه المباحثات كانت مفيدة " لضبط الساعات". أشكر زميلي وصديقي على تعاونه. وأطلب منه أن يقول بضع كلمات.
سؤال: كيف تقيمون مجرى تنفيذ الاتفاقات الخاصة بسوريا التي تم التوصل إليها في القمة الثلاثية في طهران، والتي ناقشها فيما بعد رئيسا روسيا وتركيا خلال اجتماعهما الأخير في سوتشي؟
لافروف: يجري تنفيذ هذه الاتفاقات بالكامل. وتبنى الرؤساء الثلاثة في قمة طهران في 19 يوليو من هذا العام بيانا مشتركا. وهذه وثيقة مفتوحة، تؤكد بوضوح ضرورة احترام سيادة الجمهورية العربية السورية ووحد أراضيها، ومنع أي عمل يرمي إلى تشجيع الميول الانفصالية أو أي خطوات أخرى تنتهك قرار مجلس الأمن رقم 2254. ويشير إلى عدم مقبولية الضربات الإسرائيلية المستمرة في الأراضي السورية. ويحدد المهام الماثلة أمام المشاركين في آلية الاجتماعات الدولية بشأن سوريا (كانت هناك 18 منها بالفعل) فيما يتعلق بجهود تعزيز الحوار السوري الداخلي وتهيئة الظروف للعمل المثمر للجنة الدستورية.
تتم مرجعة كل هذه القضايا بشكل منتظم على مستوى وزراء الخارجية والدفاع، وغير من الخبراء في الدول الثلاث. وعندما نعقد اجتماعات ثنائية (كما هو الحال اليوم)، فإننا نولي اهتماما للخطوات العملية اللازمة لتنفيذ اتفاقيات قادتنا بالكامل. كان هذا أحد الموضوعات الرئيسية خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس رجب طيب أردوغان إلى روسيا الاتحادية، حينما أجرى محادثات مفصلة مع الرئيس فلاديمير بوتين، وستصبح إحدى القضايا الرئيسية في لقائي القادم مع وزير خارجية جمهورية إيران الإسلامية، والمتوقع عقده في المستقبل القريب.
سؤال: ما مدى مصداقية المعلومات عن أن رسيا تتوسط لتبيع العلاقات بين الجمهورية التركية وسوريا؟ وكيف يمكن منع تصعيد عسكري في شمال سوريا؟
لافروف: روسيا تعمل منذ سنوات طويلة على تطبيع العلاقات بين سوريا والجمهورية التركية، منذ إنشاء صيغة أستانا. وروسيا وتركيا وإيران هم الضامنون لهذه العملية. وسوريا دولة مشاركة ممثلة بوفود موالية للحكومة ومعارضة. ويجتمع ممثلو دمشق وأنقرة على "هامش" الاجتماعات الدولية الخاصة بسوريا (الاجتماع المقبل سيعقد في نور سلطان). هناك عدة منصات. تهدف عملية التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 والاتفاقيات التي تم التوصل إليها بصيغة أستانا، إلى التطبيع الكامل للعلاقات بين الدول المجاورة في سياق استعادة وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية وسيادتها واستقلالها السياسي.
لقد أجاب زميلي للتو بالتفصيل على سؤال بشأن التطورات المحتملة في الوضع في شمال سوريا. ليست هناك حاجة للتكرار هنا.
والهدف الرئيسي هو منع نشوب أعمال قتالية جديدة، والاتفاق عبر القنوات الدبلوماسية، على أساس المبادئ السياسية التي كانت قائمة سابقا في العلاقات بين سوريا والجمهورية التركية. على سبيل المثال، في عام 1998 تم تحديد هدف الحد من التهديد الإرهابي. وتعترف الجمهورية العربية السورية بوجود مثل هذا الخطر، وهي مستعدة لتحمل المسؤولية الكاملة عن أراضيها السيادية بعد استعادة السيطرة الكاملة عليها. نحن نؤيد هذا الموقف.
سؤال: متى براي روسيا الإتحادية، سترد الولايات المتحدة بشأن الملف النووي الإيراني؟
لافروف: من الواضح أن السؤال عن موعد أنهاء "التأخير" من جانب الولايات المتحدة بشأن رد الفعل على الوثيقة الخاصة بالملف النووي الإيراني لا ينبغي أن يكون موجها إلي. منذ حوالي عام، أعلنت الولايات المتحدة بصوت عالٍ وحزم (بأسلوبها المعتاد) أن روسيا "عرقلت" الاتفاق على استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني. وفي الوقت نفسه لم تذكر حقيقة واحدة لإثبات ذلك. لقد مر عام. أكدت روسيا منذ فترة طويلة موافقتها على نسخة الوثيقة التي تم تقديمها لجميع المشاركين في العملية. لم تقدم الولايات المتحدة ردها حتى الآن.
إذا كان لديكم مكتب في واشنطن، فاطلبوا من مراسلكم هناك طرح هذا السؤال على الجانب الأمريكي. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهناك طرق الآن للقيام بذلك عبر الإنترنت.
سؤال: ما هو رأيكم، هل كان اغتيال الصحفية والعالم السياسي داريا دوجينا هو عمل ترهيب أم تصفية حسابات شخصية؟
لافروف: لا يمكنني الحكم على ما إذا كان عمل ترهيب أو تصفية حسابات. أعتقد أن هذه جريمة بربرية لا مغفرة لها. وكما أعلم، إن دائرة الأمن الفيدرالي الروسي أثبت الحقائق بالفعل. والتحقيق جار، وآمل أن يتم الانتهاء منه بسرعة. ولا رحمة لمنظمي هذه الجريمة أو المتعاقدين عليها أو منفذيها.