حول نظر مجلس الأمن الدولي في الوضع المتعلق بقطاع غزة
بيان صحفي
صوت مجلس الأمن الدولي في 16 أكتوبر، على مشروع قرار طرحته روسيا الإتحادية بشأن وقف إطلاق النار الإنساني في منطقة النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، ولا سيما في قطاع غزة.
ونصت الوثيقة على عدد من التدابير الملموسة العاجلة المدعوة لوقف العنف ومعاناة المدنيين، وإطلاق سراح الرهائن، ومنع وقوع كارثة إنسانية وشيكة في القطاع، وتجنب انتشار الأعمال الحربية إلى دول أخرى في المنطقة. وبالنظر إلى الوضع المتوتر للغاية، كان من الضروري التحرك دون تأخير. لهذا السبب لم يتضمن المشروع الذي قدمناه تفاصيل وتقييمات سياسية، فإن ذكر هذا أو ذاك من أطراف النزاع، قد يعقد عملية تنسيقه. وشارك في رعاية المبادرة الروسية ما يقرب من 30 بلدا، من بينها 17 دولة من العالم العربي.
وعلى الرغم من هذا، لم يتم تبني المشروع. وصوتت ضده "الترويكا" الغربية (الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وفرنسا) وانضمت اليابان إليها. وامتنعت عن التصويت ألبانيا والبرازيل وإكوادور وغانا ومالطة وسويسرا.
وعلى هذه الشاكلة، لم يتمكن مجلس الأمن الدولي، الهيئة الرئيسية للحفاظ على السلام والأمن العالميين، وبكل معنى الكلمة أمام المشاركين في الاجتماع، وكذلك أمام المجتمع الدولي بأسره، من اتخاذ قرار كان من شأنه أن يساهم في وقف إراقة الدماء، والتخفيف من العواقب الإنسانية المريعة، وخلق المقدمات للخروج من الأزمة الحالية غير المسبوقة. ولم يتم إرسال إشارة واضحة وقوية وجماعية تدعو إلى الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار الإنساني ومراعاته. وعموما، ها قد مرت 10 أيام ولم يتمكن مجلس الأمن الدولي من عقد جلسة مفتوحة كاملة حول الوضع في منطقة النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، ولا تنظيم مشاورات ذات صلة للوفود مع الدول المعنية لتحديد الخطوات العملية اللاحقة.
وكما أظهر تصويت الأمس، فإن موقف واشنطن والعواصم الغربية الأخرى هي التي لم تسمح باتخاذ قرار طبيعي ومنطقي، يعد في الظروف الحالية واجب إنساني مطلق وواجب أخلاقي لجميع الأعضاء المسؤولين في المجتمع الدولي. وفي الوقت نفسه، لم تأخذ بعين الاعتبار المعايير الإنسانية، وقواعد القانون الدولي، والأسباب الجذرية للمشكلة الفلسطينية التي لم تُحَل، والتي أشارت لها موسكو بإلحاح في السنوات الأخيرة.
وأصبحت نتائج مثل هذا النهج واضحة جدا: بلغ عدد القتلى والجرحى في إسرائيل 1400 و 3900 شخص، وقد تجاوز عدد الضحايا بين الفلسطينيين 2800 و 10800 شخص على التوالي. ووفقا للأمم المتحدة، فقد قتل حوالي 450 طفلا في غزة، وحوالي 750 آخرين تحت أنقاض المنازل التي دمرت خلال الغارات الجوية.
وظل أكثر من 2 مليون من سكان القطاع دون ماء وغذاء، ودون رعاية طبية ووقود، وكهرباء. وتعرض "رفح" وهو المعبر الوحيد على الحدود مع مصر، مرة أخرى لضربة صاروخية، ولم يجر فتحه للمدنيين للمغادرة وتسليم الإمدادات الإنسانية. وأصبح حوالي 1000 مواطن روسي وأفراد أسرهم وغيرهم ممن لجئوا إلينا للمساعدة في الإخلاء رهائن فعليون في الحصار العسكري على غزة.
كل هذا يحدث لعطل مجلس الأمن الدولي، وبقاء "رباعي" الشرق الأوسط للوسطاء الدوليين الذي يتألف من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مشلولا كالسابق، وبسبب المصالح الضيقة الأفق لبعض الدول التي لم تمنَ أفعالها وحيدة الجانب بالفشل الذريع فحسب، بل وأدت أيضا إلى التصعيد واسع النطاق للعنف في منطقة الشرق الأوسط.