الكلمة الافتتاحية لوزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف أثناء اللقاء مع مجموعة وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حول الوضع في قطاع غزة، موسكو، 21 نوفمبر 2023
الزملاء المحترمون,
أصدقائي الأعزاء،
نحن سعداء برؤيتكم في موسكو. وأود أن أرحب بوفد جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ووزراء خارجية الدول الأعضاء، فضلا عن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.
أعرف أنكم شكلتم هذه المجموعة على وفق نتائج قمة جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، المشتركة، التي انعقدت في 11 نوفمبر من هذا العام في الرياض. ومهمتكم الآن هي تعبئة أكبر عدد ممكن من أعضاء المجتمع الدولي لوقف إراقة الدماء في قطاع غزة، وضمان حل المشاكل الإنسانية وتهيئة الظروف لتسوية طويلة الأجل ومستدامة وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
أود أن أعرب بصدق عن امتناني لكم على هذه المبادرة. اعتقد أنها مهمة. وهذه خطوة أخرى بعد القمة، التي دعا لعقدها رئيس جمهورية مصر العربية عبد الفتاح السيسي في 21 أكتوبر من هذا العام، والقمة التي ذكرتها في الرياض في 11 نوفمبر من هذا العام، نحن نشاطر التقييمات التي جرى الإعلان عنها في هذه المحافل. لقد أعربنا مرارا عن موقفنا. أجرى رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، مباشرة بعد بداية المرحلة الحادة الحالية من النزاع (أحداث 7 أكتوبر من هذا العام)، محادثات هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومع عدد من رؤساء الدول العربية. ومن جانبي، فأنا على اتصال دائم بزملائي، بمن فيهم الحاضرون هنا.
وأود أن أؤكد مرة أخرى أننا ندين الإرهاب في كافة أشكاله من دون أي استثناء. ومن الضروري مكافحة الإرهاب بأساليب لا تأخذ شكل العقاب الجماعي ولا تكون مناقضة. وإذا تحدثنا بصراحة، لا تنتهك قواعد القانون الإنساني الدولي بأكثر الطرق فظاظة.
إن الوضع الحالي يبين إلى أي حد كارثي سيكون التحرك بالطريق الذي يتجاهل القانون الدولي. إننا نشهد عواقب إنسانية مأساوية في قطاع غزة. ومن الواضح أن حجم المعونة الإنسانية الواردة غير كاف. وتدق الوكالات في إطار الأمم المتحدة، التي تتعامل مع هذه المساعدة، ناقوس الخطر. والأولوية الرئيسية اليوم هي حل المهام العاجلة المتمثلة بوقف الأعمال القتالية، وحل القضايا الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن. ونحن نعرف أن أصدقاءنا من قطر منخرطون بنشاط في هذه الجهود. ويحاولون في الاتصالات مع الأطراف، بدء عملية تتطلب منذ فترة طويلة حلا.
وبالتزامن مع حل هذه المهام العاجلة، أود تأكيد أن من الضروري ليس فقط غض النظر عن القضايا ذات الطابع الاستراتيجي، ولكن الشروع الآن في تهيئة الظروف لحلها. واقصد التحضير لاستئناف عملية السلام على الأساس المعترف به دوليا، وما تمت المصادقة عليه في إطار منظمة الأمم المتحدة، وفي إطار مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي طرحها الملك عبد الله، ملك المملكة العربية السعودية، وحظيت بدعم جميع أعضاء جامعة الدول العربية وجميع أعضاء منظمة التعاون الإسلامي.
وتقضي المبادرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتكاملة وذات سيادة داخل حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والتي ستتعايش في سلام وأمن مع إسرائيل ومع جميع الجيران الآخرين. ومن الواضح إن المضي نحو تحقيق هذا الهدف يتطلب تشكيل آلية دبلوماسية جماعية، إلى جانب الجهود التي تنطوي على حل أشد المسائل الإنسانية حدة التي ذكرتها. ونحن مقتنعون بأن على بلدان المنطقة والدول العربية والإسلامية أن تضطلع بدور هام في هذه الآلية الدبلوماسية.
وفي الواقع، فإن" رباعي" الوسطاء الدوليين، الذي تم حله بقرار من الولايات المتحدة (رفضت العمل بهذه الهيئة)، لم تضم ممثلين عن العالم العربي والإسلامي. وضم في إطاره روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة. وقبل وقت طويل من الأحداث الجارية، دعونا إلى أن يعمل "الرباعي" بالتنسيق التام مع جامعة الدول العربية. وتعامل شركاؤنا الغربيون مع هذا "ببرود". ولم تبدِ الأمم المتحدة أي مبادرة مناسبة في هذا الشأن. ولم يتمكن "الرباعي" من الاضطلاع بالمهام التي كلفه بها مجلس الأمن الدولي.
وينبغي لآلية الدعم الخارجي للاتفاق على شروط تسوية طويلة الأجل ومستدامة تقوم على أساس حل الدولتين أن تكون تمثيلية بحق. وأن تأخذ في الاعتبار تماما الظروف الواضحة: وبالذات إن بلدان المنطقة تفهم بشكل أفضل من الآخرين كيفية تحقيق حل يكون لسنوات طويلة، وإلى الأبد. وآمل أن نناقش كل هذه المسائل اليوم.
وأعرب عن خالص امتناني للمملكة العربية السعودية بوصفها المنظم لمؤتمر القمة المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولجميع الحاضرين، على المبادرة التي نعتبرها جاءت في الوقت المناسب.