موسكو 31 يناير 2018 من المؤتمر الصحفي للمتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا فلاديميروفنا زاخاروفا

141-31-01-2018



حول التطورات في سوريا


يتميز الوضع في سوريا على العموم بتعزيز الاتجاهات الإيجابية. وان التحول الى السلام ملحوظ بشكل خاص في دمشق، والحياة آخذة بالعودة الى مجراها الطبيعي هناك حيث كانت الحكومة تسيطر بقوة : في حلب وفي حمص


ولم تتعرض في الايام الماضية مناطق تخفيف التصعيد في جنوب البلاد وشمال مدينة حمص، وفي الجزء الكبير من خط التماس في شرق الغوطة، الى اية انتهاكات خطيرة بإستثناء مناطق حرستا وجوبر. من حيث يواصل الارهابية الهجمات الارهابية


وتبقى مدينة عفرين، حيث تقوم القوات التركية وبدعم من مقاتلي المعارضة المسلحة بعملية "غصن الزيتون" ( ساتحدث عنها على حدة) وكذلك أدلب، مناطق ساخنة. وفي هذه المحافظة، حيث لم يحدث فك الارتباط نهائيا بين الارهابيين وما يسمى بالمعارضة " المعتدلة" وحيث تستمر " النصرة" الشعور بالحرية، يواجه الجيش السوري باستمرارالإستفزازات التي تهدف الى إحباط إقامة مناطق تخفيف التصعيد. ونتيجة للاجراءات الحازمة التي قام بها الجيش السوري وبدعم القوة الجوية الفضائية الروسية تلقى مقاتلو "جبهة النصرة" ردا مناسبا وفروا من قاعدة ابو الظهور التي استولوا عليها في عام 2015 ، كما استعادت القوات الحكومية السيطرة على منطقة ابو الظهور السكنية المجاورة لها

ان الحدث الأهم، الذي سيترك بالتاكيد اثرا كبيرا على تطور الوضع في سوريا، جرى هذا الاسبوع في مدينة سوتشي، حيث انعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري بمبادرة من روسيا الاتحادية وبدعم منظمة الامم المتحدة وشركائنا في اطار استانا : تركيا وايران والدول العربية المؤثرة وجيران سوريا. وشارك في المؤتمر الف وخمسائة (1511) موفود سوري، يمثلون طيفا سياسيا وعرقيا / دينيا واسعا للمجتمع السوري

ونحن من دون شك نأسف لموقف اؤلئك المعارضيين السوريين، الذين ولمختلف الاسباب، ولاسيما بتأثير القوى الخارجية، قرروا في اللحظات الاخيرة الامتناع عن المشاركة في المنتدى. وجرت محاولة لإقناعهم بتغيير قرارهم. حتى تأخر افتتاح المنتدى، ولكن من دون جدوى. ونحن على قناعة بان هذا خطأ سياسي. ولكن امتناع هؤلاء الاشخاص لم يعكر جو منتدى سوتشي


وشارك في المؤتمر وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي فيكتوروفيتش لافروف، الذي تلا رسالة تحية من رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، موجهة للمشاركين في المؤتمر وللمراقبين الدوليين


وقد تم اعتماد 53 مراقبا دوليا في سوتشي، من بينهم وفد منظمة الأمم المتحدة برئاسة المبعوث الخاص لأمين عام منظمة الامم المتحدة ستافان دي ميستورا. وكان هناك ايضا ممثلو سفارات بريطانيا العظمى وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية في موسكو. وصرح بذلك ايضا بالامس وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي فيكتوروفيتش لافروف، خلال رده على اسئلة الصحفيين


وفيما ما يتعلق بممثلي وسائل الإعلام، فان المؤتمرعمل أمس حتى ساعة متأخرة من مساء 30 يناير، وشارك في تغطيته اكثر من 500 صحفي روسي وأجنبي. وبالنسبة لأولئك الذين لم يشاركوا في أعمال المؤتمر، فقد جرى بث مباشر لإفتتاح واختتام الجلسات العامة. وجرت جلسات العمل للفعالية، ولأسباب مفهومة، من دون كاميرات. فقد كان من الضروري تهيئة مناخ عمل


ان النتيجة الهامة للحوار بين السوريين، الذي اكتسب من حين الى اخر طابعا حادا، كانت اعتماد البيان الختامي والنداء ( ونشرت النصوص بما في ذلك ترجماتها للروسية والانجليزية على الموقع الرسمي، فضلا عن شبكات الاتصال الاجتماعية، لوزارة الخارجية الروسية)


وتم تبني قرارا بتشكيل لجنة دستورية ذات تمثيل للحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني ورؤساء القبائل المستقلين والنساء. وتم توجيه طلب لأمين عام منظمة الامم المتحدة بتكليف مبعوثه الخاص بشان سوريا بالمساعدة على تنظيم عملها في جنيف


لقد وضعت البداية للحوار بين السوريين واتخذت خطوة هامة نحو استعادة السلام في الارض السورية والتغلب على عواقب أزمة اراقة الدماء التي طال امدها


ونأمل ان تصبح القرارات التي جرى اعتمادها في سوتشي رصيدا للمباحثات بين السورين في جنيف برعاية الأمم المتحدة، وفي الساحات الاخرى للمساعدة على التسوية في سوريا بمشاركة الاطراف السورية، وبالدرجة الاولى ساحة استانا، وستعمل روسيا كل ما في وسعها من اجل ذلك. وينبغي ان يكون مسموعا صوت المشاركين في منتدى سوتشي الداعين الى التعجيل باستعادة السلام في الارض السورية والى اقامة تلك الظروف الملائمة في البلد التي تضمن تعايش مريح لكافة مكونات الشعب السوري وسيادة وسلامة اراضي البلاد، وأمن وحقوق المواطن


واود ان اهنئ اؤلئك الذين لم تتحقق توقعاتهم. لقد اجبت على الكثير من الاسئلة بشأن ان المنتدى لن يُعقد، وما سنفعل اذا لم يكن من الممكن تنظيمه. وقالت وزارة الخارجية الروسية ان المنتدى سيعقد، وانه عُقد. وقد بذلت روسيا الاتحادية كل ما في وسعها لضمان نجاحه، وغدى نقطة انطلاق هامة لحوار الاطراف السورية


واود ان اعيد الاذهان الى انه وبالاضافة الى المشككين في ان المؤتمر سيُعقد، وعموما الى اين سيؤدي، عُقدت قبل بدايته فعاليات سلبية كثير، توقعت بانه حتى واذا انعقد المنتدى فسيتم نسف كل شئ وسيكون من المستحيل التوصل الى اتفاق. والى جانب هذه المواد، وبدلا عن الاعتراف بان التنبؤات السلبية لم تتحقق، فقد زخ مباشرة بعد ختام المنتدى "مطر " من الانباء والمواد المزورة. وليس بوسعي ان لا اقتبس من احداها. حتى اني لن اذكر اسم الدورية لكي لا اعمل لها دعاية اضافية. وليس بوسعي ان اصفها بغير المهمشمة. وقررت هذه الدورية ان تحسب مقدار الوقت المخصص لعمل المؤتمر وكم خصص للغذاء والراحة. وقد بدأت هذه المادة في جذب الاهتمام الكافي في الشبكة لأن هناك كُتب ان" 6 ساعات فقط خصصت لتقرير مصير سوريا، في حين ان 32 ساعة خُصصت للاغذية والمشروبات والتحركات"


ومعروف لكم، لمن كان في سوتشي وتابع المؤتمر على البث المباشر، ان الواقع كان مختلفا. فقد كرس ممثلو مختلف جماعات المعارضة السورية والحكومة وقتهم للعمل منذ الصباح الى وقت متاخر من المساء. واود ان اسأل من يكتب هذا " الهراء". الا تريدون ان تذكروا انفسكم وجمهوركم كم ساعة، على سبيل المثال، استمرت الحرب السورية. نحن مستعدون للمساعدة. على الاقل 61 320 ساعة استمر سفك الدماء على الاراضي السورية. وربما كان من المثير للإهتمام ايضا ان نحتسب كم عدد الساعات والاتصالات المباشرة التي انفقت على المباحثات الدولية لتسوية الازمة السورية في موسكو وفي جنيف وفي استانا وفي القاهرة وفي غيرها من عواصم العالم وفي منظمة الامم المتحدة. وكم عدد الساعات التي اولاها وزراء خارجية مختلف دول من جميع القارات، للموضوع السوري. هذا يتعلق بالزمن. واعتقد اذا كنا نقصد هذه الرياضات المسلية، فينبغي علينا ان نبدأ من هذه الارقام ايضا


وتلخيصا لبعض النتائج الاولية، او ان اعيد الذاكرة الى ما قاله امس في ساحة سوتشي السوريون انفسهم وممثلو روسيا.واود ان الفت الانتباه مرة اخرى الى ان القرارات التي جرى اعتمادها في سوتشي ستصبح رصيدا لعملية المباحثات بين السوريين برعاية منظمة الامم المتحدة في جنيف وفي غيرها من الساحات للمساعدة على التسوية في سوريا بمشاركة الاطراف السورية، وبالدرجة الأولى ساحة استانا. واود مرة اخرى ان الفت الانتباه الى ذلك. ونأمل ان يضع هذا فعلا اساس هام للحركة الى الامام كي تمضي بسرعة عالية اكثر


حول عملية " غصن الزيتون" التي تقوم بها تركيا في الاراضي سوريا


ما زلنا نراقب تطور الوضع في شمال سوريا، الذي يثير قلقا بالغا.


وتعلن السلطات التركية، ان عملية " غصن الزيتون" التي بدأت في 20 يناير في منطقة عفرين ضد وحدات حماية الشعب الكردي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تاتي في اطار ميثاق منظمة الامم المتحدة الذي نص على حق الدول بالدفاع عن نفسها، وانها تهدف الى تصفية التشكيلات الإرهابية.


ووفقا للمعلومات الواردة فان عدد القتلى بلغ في غضون 10 ايام عدة مئات ومن بينهم مدنيون


وندعو مرة أخرى الطرفين الى ضبط النفس


ولفت انتباه موسكو ايضا بيانات عدد من السياسيين الأكراد، التي يتهمون فيها روسيا الى جانب " النظام السوري" بالتغاضي عن " العدوان التركي" وحتى ب " خيانة الاكراد"


وفي ضوء ذلك نود ان نشير الى اننا لم نشكل في شمال سوريا بصورة متتالية الظروف التي اعتبرتها تركيا تهديدا لأمنها الوطني. ان روسيا ليست مسؤولة عن عرقلة استعادة الحكومة الشرعية السورية السيطرة على جزء واسع للبلد لافاق غير محددة. ان روسيا لم تقم بتشكيل هياكل قوة في هذه الاراضي ذات وظيفة حصريا من اختصاص الدولة السورية، مما يغذي الميول الانفصالية


ان ما يجري يظهر بوضوح ان تجاهل القانون الدولي ومحاولة تفسيره من جانب واحد محفوف ببروز تحديات وتهديدات جديدة، سواء في سوريا نفسها او في منطقة الشرق الاوسط المضطربة ككل


وفي هذا السياق نؤكد من جديد على ثبات موقف روسيا في دعم وحدة وسيادة وسلامة اراضي الجمهورية العربية السورية، وحق السوريين بتقرير مستقبل بلادهم بانفسهم. ومن اجل المساعدة على تجسيد هذا الحق بادرنا لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي. واود ان الفت الانتباه من جديد، الى اننا فعلنا كل ما هو ممكن لإستمالة ممثلي الاحزاب السياسية والحركات والجمعيات الكردية لتنضم للعملية السياسية لتسوية الوضع في سوريا


واننا على قناعة بضرورة تسريع الحركة نحو التسوية والتطبيع في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وفي اطار جماعي مساعدة هذه العملية في جنيف واستانا وغيرها من المواقع، التي توفر المشاركة الكاملة لجميع الاطراف صاحبة المصلحة، والأهم من ذلك السوريين انفسهم كما تشهد قرارات منتدى سوتشي وبالدرجة الاولى الراغبين بعودة وطنهم الى الحياة السلمية والمريحة لجميع مواطنيها، من دون تدخل اجنبي واملاءات من الخارج