كلمة وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف وأجوبته على أسئلة وسائل الإعلام عقب اختتام زيارته إلى قطر، الدوحة، 26 فبراير/ شباط 2025
الزملاء المحترمون.
لقد اختتمنا زيارتنا إلى دولة قطر، حيث عقدنا اجتماعات مع أمير دولة قطر، تميم بن حمد آل ثاني، ومع رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
تربطنا علاقات طيبة طويلة الأمد. وقد أكدنا اليوم عزمنا على تطويرها بجميع الوسائل الممكنة على أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال الاتصالات السابقة بين الرئيس فلاديمير بوتين وأمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني.
وتحدثنا عن مواصلة عقد اللقاءات على مختلف المستويات بشأن مختلف القضايا. والمهمة القريبة الماثلة أمامنا هي عقد الاجتماع المقبل للجنة الروسية - القطرية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والتقني. ومن المزمع عقده الشهر المقبل في الدوحة. وستجري أيضا اتصالات على خط وزارتي السياسة الخارجية. ونضع في اعتبارنا دائمًا إمكانية عقد اجتماعات قمة. فهناك اهتمام من كلا الجانبين.
واتفقنا على تكثيف العمل في جميع المجالات، وفي المقام الأول في قطاعات التجارة والاقتصاد والطاقة في إطار منظمات مثل منتدى الدول المصدرة للغاز الذي مقره الدوحة، بما في ذلك التفاعل بين وكالة قطر للاستثمار وصندوق الاستثمار المباشر الروسي. كما أن هناك العديد من الخطط للتبادل الإنساني والترويج للرحلات السياحية وغيرها من الفعاليات الثقافية.
لقد تحدثنا بشكل مستفيض ومطول عن شؤون الشرق الأوسط. أولا وقبل كل شيء، فيما يتعلق بالعملية التي تتطور في الجمهورية العربية السورية بعد تغيير السلطة.
نحن مهتمون بأن ألا تخرج هذه العملية عن السيطرة وألا تؤدي إلى نشوب اقتتال داخلي. إن هذه المخاطر ما زالت قائمة. منذ أن قامت السلطات الجديدة في دمشق، تجري في بعض الأماكن، مواجهات مسلحة بين مختلف الجماعات. وقد أظهرت أجزاء كثيرة من الأراضي السورية رغبة في الانفصال عن السلطات المركزية. وهذا الأمر لا يتعلق فقط بالأكراد، الذين حملوا لسنوات عديدة في ظل إدارة بايدن فكرة الانفصال (وهو أمر مرفوض ترفضه جميع دول المنطقة بصورة قاطعة، لأنه قد يؤدي إلى حرب كبيرة)، ولكن أيضًا الجماعات العرقية والطوائف الدينية الأخرى التي تعتزم الاستفادة من الوضع الحالي للمطالبة بحقوقها في حكم ذاتي محدد.
ومن أجل تنظيم هذه العمليات بطريقة ما وتوجيهها في اتجاه موحد، عقدت السلطات السورية مؤخراً المؤتمر الوطني السوري الجامع الذي مثلت فيه (كما أعلنت) جميع القوى السياسية والعرقية والطوائف الدينية في سوريا.
وتبنى المؤتمر إعلانا يدعو، من منطلق إيجابي، إلى مواصلة العمل بطريقة شفافة بمشاركة جميع الفئات التي تمثل المجتمع السوري وضمان تهيئة الظروف الملائمة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والتغلب على المشاكل الصعبة. هذه المشاكل "الموروثة" خلقتها العقوبات الأحادية" الخانقة" التي فرضتها الولايات المتحدة والأوروبيون على حكومة الرئيس بشار الأسد.
لقد تحدثنا في الأمم المتحدة لمصلحة رفع جميع هذه العقوبات على الفور. فهي لم "تضرب" بالأسد وحكومته، بل بالشعب السوري، وهي مستمرة في ظل حكومة يعتبرها الغرب مقبولة أكثر من الحكومة السابقة. سنطرح هذه القضية ونسعى لرفع هذه العقوبات الأحادية الجانب دون شروط. حاول الأوروبيون تقديم مطالب من نوع أن أي تخفيف في نظام العقوبات يجب أن يتضمن "طرد" روسيا من الجمهورية العربية السورية.
هذه هي ذات الذهنية التي ميزت أوروبا في الآونة الأخيرة – "إما معنا أو ضدنا". وكان هذا هو الحال عند تمهيد الطريق "لانتزاع" أوكرانيا من روسيا، وفي الكثير من المواقف الأخرى. وتنعكس هذه الذهنية بصورة مميتة في كل مكان على أي عملية. على العموم تحاول أوروبا عندما تتغير موازين القوى السياسية في أوكرانيا (تحدثنا عن ذلك اليوم مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني) (وهو ما تجلى بالأمس أثناء التصويت في الأمم المتحدة)، تقويض هذا التوجه على الفور، وتعلن عن حُزم كبيرة جديدة من المساعدات العسكرية لكييف، و"تحرضها" على مواصلة العمليات القتالية، وتصرح بصورة صريحة (كما فعلت رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن)، بأن السلام في هذه الحالة أسوأ من الحرب بالنسبة لأوكرانيا. ولا يزال دور أوروبا في "تأجيج " الأزمات وسمعتها في هذا المجال (التي اكتسبتها عبر قرون عديدة من التطور البشري) باقيا في نفس الحالة.
نحن نؤيد أن يساهم جميع اللاعبين الخارجيين (العرب والغرب والصين وروسيا وإيران) في تطبيع الوضع في سوريا. ونعرف أن القيادة السورية (كما أكد لنا محاورونا القطريون) مهتمة بأن المساعدة في عمليات الإصلاح والتطبيع داخل البلاد يجب أن تأتي بطريقة متوازنة ومتكافئة، بحيث لا يحاول أي طرف إخضاع هذه العمليات لأهدافه الجيوسياسية. أن سوريا لا تريد بعد الآن أن تكون الأرض التي تُحل فيها المشاكل الجيوسياسية للاعبين الأجانب.
لقد أولينا الاهتمام الزائد لموضوع آخر. وهو الوضع في التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية وفي العلاقات بين إسرائيل ولبنان. يثير قلقنا أن الجيش الإسرائيلي يقوم بخطوات إضافية غير منصوص عليها في الاتفاقيات مع حماس ومع لبنان وتخلق وقائع على الأرض تتناقض مع الاتفاقات وقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن القضية الفلسطينية وبشأن الموضوعة اللبنانية.
وفي هذا الصدد، تشترك قطر وروسيا في ضرورة دفع العملية نحو مجرى مراعاة المبادئ التي أقرها مجلس الأمن الدولي. والقضية الرئيسية هي إقامة دولة فلسطينية. وإذا ما جرت محاولات " طي" قرارات مجلس الأمن تلك واستبدال إقامة دولة فلسطينية بـ "توطين الفلسطينيين في المنطقة"، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى زرع قنبلة موقوتة، كما حدث مرات كثيرة على مدى عقود طويلة من تجاهل مطالب حل الدولتين.
وسنواصل المشاورات مع قطر. ويجري حوار مفيد بين روسيا وجامعة الدول العربية في إطار الصيغة المشتركة القائمة بيننا. ويناقش خبراؤنا بشكل يوميا جميع القضايا التي تتطلب التنسيق. وسنستثمر قدراتنا على الساحة الدولية (بما في ذلك الأمم المتحدة) لكي تسير العمليات في مجرى بنّاء. وهذا لم يجرِ حتى الآن.
ونحن نعلّق آمالنا على مؤتمر الجامعة العربية الذي سيُعقد في القاهرة، حيث سيناقش مستقبل قطاع غزة في سياق المبادرات التي سمعناها، وصولاً إلى تحويله إلى منطقة سياحية. يريد العرب أن تتم حماية حق الفلسطينيين في العيش على أرضهم. وستكرس القمة لهذا الموضوع.
وستجتمع اللجنة المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في 14 مارس، في إسطنبول، وستنظر أيضاً في مقاربات لتسوية العلاقات في جميع أنحاء هذه المنطقة. إسرائيل - فلسطين، إسرائيل - لبنان، إسرائيل - سوريا.
وكما قرر ممثلو إسرائيل "التوقف" في جنوب لبنان، فقد "دخلوا" الآن إلى جنوب الجمهورية العربية السورية. وهذا يخلق وضعاً جديداً ويتطلب ليس فقط التفكير بإمعان، بل إعداد بعض الخطوات البناءة التي تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمنية والتنموية لجميع دول المنطقة بما فيها إسرائيل طبعاً. ولكن يجب ألا تعالج قضايا الأمن والتنمية على حساب أمن وتنمية الآخرين.
سؤال: بذلت قطر كدولة الكثير من الجهود للم شمل الأطفال المنفصلين عن ذويهم. كيف ترون وساطة قطر لاحقا في تسوية المشكلة الأوكرانية؟
لافروف: لقد أعربنا اليوم مرة أخرى عن امتناننا وتقديرنا لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، على الجهود التي يبذلونها دون إعلانات وبطريقة عملية للمساعدة في حل القضايا الإنسانية بين روسيا وأوكرانيا. وعلى رأسها القضايا المتعلقة بعودة الأطفال إلى أسرهم. وسيستمر هذا العمل، وقد بلغنا الجانب القطري بذلك بوضوح اليوم.
ونرحب دائماً بالمبادرات حسنة النية التي تقترحها دول المنطقة. فبالإضافة إلى قطر، تقوم الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بعمل مفيد. ونعتقد أن هذا مظهر من مظاهر النيات الحسنة التي تعود بالفائدة، وقبل كل شيء، على أشخاص محددين يعانون من النزاع.
أما بالنسبة لمجالات المساعدة الأخرى من قطر، فنحن لا ننتظر أي خطوات منفردة. نحن في انتظار أن يكف زملاؤنا الأوروبيون أخيرًا عن الكذب بشأن "عرقلة روسيا للمفاوضات". وقد رد رئيس روسيا الاتحادية، فلاديمير بوتين، مرارًا على هذه الادعاءات الكاذبة مذكرا بأن القيادة الأوكرانية، بالدرجة الأولى بتحريض من أوروبا، هي التي ترفض التفاوض. وبالإضافة إلى مرسوم زيلينسكي، الذي أصبح أحدوثة، في منع المفاوضات مع روسيا الاتحادية، نسمع يوميًا تصريحات وتأكيدات بأنه لن تكون مفاوضات مع الاتحاد الروسي.
نسمع كل يوم تصريحات وتأكيدات بأنه لا ينبغي الجلوس إلى طاولة المفاوضات الآن، بل من الضروري في لبداية التفوق "في ساحة المعركة". وبهذه الروح الحربية، تروج الدول الأوروبية الآن لسياستها التي عفا عليها الزمن وفشلت بشكل ميؤوس منه بشأن أوكرانيا.
وأود أن ألفت الانتباه إلى سبب صارخ آخر لاندلاع هذا النزاع. لقد لفتنا الأنظار اليوم مرة أخرى إلى سبب صارخ آخر، بقي الغرب صامتاً عليه حتى وقت قريب، ويواصل الآن التعتيم عليه أيضًا. وهو نهج النظام الذي وصل إلى السلطة عن طريق انقلاب حكومي والهادف إلى إبادة كل ما هو روسي، عن طريق اعتماد القوانين. بما في ذلك في مجال التعليم ووسائل الإعلام والثقافة. وفي الآونة الأخيرة، تم حظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية الكنسية. وهذا انتهاك مباشر لميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على احترام حقوق الإنسان، بما في ذلك، وقبل كل شيء، الحقوق اللغوية والدينية. ولا يتحدث أحد من الممثلين الغربيين عن هذا.
ولذلك، فإن تعزيز هذه الحقيقة والتعرف على الحقائق التي نطرحها باستمرار وفهم الأسباب الرئيسية سيكون أفضل إسهام من جانب أي بلد في تهيئة الظروف لتسوية عادلة لهذا النزاع.
سؤال: كيف ترون آفاق التعاون اللاحق مع قطر في مجال الطاقة؟
لافروف: تعد قطر أحد أكبر المساهمين في شركة "روسنفت". وهذه عملية مستقرة لدرجة كافية. كما أن الدوحة المقر الرئيسي لمنتدى الدول المصدرة للغاز، وهو هيكل مهم نقدره باعتباره يضمن الانسجام في سوق الطاقة، لا سيما الغاز الطبيعي. وتتعاون وكالة قطر للاستثمار وصندوق الاستثمار المباشر الروسي في مشاريع تبلغ قيمتها حوالي مليار دولار أمريكي. ويجري النظر في مشاريع بقيمة أكبر من ذلك في المستقبل. وتهدف بعض هذه الاتفاقيات إلى أشكال جديدة من التعاون في مجال الطاقة. وهذا الأمر متروك للوزارات والشركات المعنية لاتخاذ قرار بشأنه.
سؤال: قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد المحادثات مع ترامب إن الطرفين اتفقا على ضرورة نشر قوات حفظ سلام أوروبية في في نهاية النزاع بأوكرانيا ، وقد ذكر الكرملين مرارًا أن روسيا لا تنظر في مثل هذا السيناريو. ما هي قوات الدول الأوروبية التي قد تكون روسيا مستعدة للنظر فيها، شريطة ألا تكون قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي؟
لافروف: لا يمكننا النظر في أي خيارات. لا أعرف ما الذي قاله الرئيس إيمانويل ماكرون. لم "يلعب" دوره بصورة مقنعة للغاية في واشنطن.
قال الرئيس ترامب، عندما أثير هذا الموضوع في مؤتمر صحفي، إن اتخاذ قرار بشأن نشر قوات حفظ السلام ممكن فقط بموافقة الطرفين. في إشارة على ما يبدو، إلى روسيا الاتحادية وأوكرانيا. لم يسألنا أحد عن هذا.
إن المقاربة التي يفرضها الأوروبيون، وفي مقدمتهم فرنسا وبريطانيا، تهدف مرة أخرى إلى " تسخين النزاع" والاستمرار في ذلك، وإفشال أي محاولات لتهدئته.
تحدث ماكرون في واشنطن، عن ضرورة وقف عاجل لإطلاق النار ونشر قوات حفظ السلام. ثم، كما يقولون، سنتحدث بعد ذلك عن الأراضي ومصير الشعب ومبادئ التسوية الأخرى. هذا خداع. لا يمكننا أن نوافق على اتفاق يهدف إلى تحقيق هدف واحد يتمثل بضخ أوكرانيا بالسلاح مرة أخرى. ووصل وفد كبير من أوروبا في 24 فبراير من هذا العام إلى كييف وأعلنوا مرة أخرى عن شحنات أسلحة بمليارات الدولارات.
عندما تتقدم الولايات المتحدة بقرار للتحرك العاجل نحو السلام، تصوت أوروبا ضده. ثم تؤكد بالأفعال أنها لا تريد أي سلام، لأن "المرؤوسين" لم ينجزوا بعد مهامهم الرئيسية. حقا أن هذه المهام تتغير. فمنذ فترة ليست ببعيدة، كانت إلحاق "هزيمة استراتيجية" بروسيا، وهو ما كان الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي يكرره كل يوم مثل "تعويذة". أما الآن فقد قال الرئيس ماكرون في واشنطن: من الضروري تحقيق تسوية لا تبدو وكأنها استسلام.
إن " الشبان" يسترشدون بسرعة، ولكن ليس في كل شيء. وأكرر أن هذه المناقشة حول قوات حفظ السلام هي مجرد حديث فارغ. فمن الضروري القضاء على الأسباب الرئيسية للنزاع، وقوات حفظ السلام، أو عدم وجودها، ليست واحدة من هذه الأسباب. والأسباب الرئيسية تتعلق بجر أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي بهدف استخدام أراضيها لإنشاء بنية تحتية عسكرية تستهدف روسيا، والإبادة الكاملة لحقوق الروس والمتحدثين بالروسية.
ويقترح البعض فكرة الحفاظ على "خط التماس". أولاً، لن يحدث شيء من هذا القبيل. فروسيا لديها دستور يقوم على إرادة الشعب. وثانياً، ينبغي أيضاً تطهير ما تبقى من أوكرانيا من القوانين العنصرية. فبعض الناس الذين يعيشون هناك يشعرون براحة أكبر في التحدث باللغة الروسية، وهم يريدون الحفاظ على تقاليد أسلافهم الذين نشأوا في الثقافة الروسي.
ومن ثم فإن مجرد التفكير في تفاصيل فنية مثل نشر القوات لن يقربنا من التوصل إلى اتفاق. ينبغي الحديث عن الأسباب الرئيسية.
سؤال : في وقت سابق، ذكرت وكالة رويترز أن موسكو تدرس خيارا يتم فيه تخصيص أصولها المجمدة لإعادة إعمار أوكرانيا، شريطة تخصيص جزء منها لاحتياجات المناطق الروسية الجديدة - جمهورية دونيتسك الشعبية، وجمهورية لوغانسك الشعبية، ومنطقتي زابوروجي وخيرسون. هل تدرس روسيا هذا الاحتمال حقًا، أم أنها ستصر على إعادة أصولها بالكامل؟
تستعد واشنطن وكييف لتوقيع اتفاقية بشأن المعادن الأرضية النادرة، حيث يقع جزء كبير من احتياطيات هذه الموارد في المناطق الأربع الجديدة في روسيا. هل نوقش خلال الاجتماع في الرياض والمشاورات اللاحقة، الاستخراج في هذه المناطق مع الولايات المتحدة أيضًا؟ عندما دعا الرئيس فلاديمير بوتين الشركات الأمريكية للتعدين في روسيا، هل قصد هذه المناطق الأربع؟
لافروف: عندما يدعو الرئيس أو أي ممثل آخر للقيادة الروسية المستثمرين الأجانب للمشاركة في مشاريع على الأراضي الروسية، فإنه يشير بالطبع إلى كامل أراضي روسيا الاتحادية، بما يتوافق تمامًا مع دستورها.
لم يتم التطرق إلى هذه المسألة أو مناقشتها في اجتماع الرياض. ما جرى الحديث عنه، هو كما تم التأكيد عليه في المحادثة الهاتفية بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، وهو ضرورة إزالة العقبات المصطنعة أمام تطوير العلاقات الاقتصادية وغيرها من العلاقات ذات المنفعة المتبادلة، والتي يهتم بها ممثلو المؤسسات التجارية ذات الصلة في الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية. ولكن هذا "مبدأ". وينبغي علينا أولاً تغيير الوضع غير الصحي والغبي الذي لا يسمح حتى بإجراء محادثة بين القوتين العظميين الرائدتين.
أما ما يتعلق بأصولنا التي سرقها الأوروبيون. لم يجر حديث محدد عن ذلك، ولكن لا شك في أن هذه المسألة لن تختفي بطبيعة الحال كجزء من التسوية. والأمريكيون يفهمون ذلك أيضًا.
وقال وزير الخارجية ماركو روبيو مؤخرًا أنه يجب النظر في قضية الأصول الروسية "المجمدة"، زد على ذلك جاء ذلك ارتباطا مع تلك الخطوات التي اتخذتها روسيا الاتحادية للرد على ذلك والتي تمس مصالح الشركات الأمريكية. وهذا تفكير صحي عن ضرورة التخلي عن أساليب اللصوصية وعدم الرهان على انه ستمر من دون رد.
هناك ملاحظة آخري للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مثيرة للاهتمام، الذي قال "الكثير من الأشياء الجديدة". عندما طُرح عليه سؤال حول ذات الموضوع، قال لا ينبغي المساس بالأصول الروسية التي تم الاستيلاء عليها في أوروبا، لأن ذلك سيكون انتهاكًا للقانون الدولي. ويمكن استعمال الأرباح المتحصلة من هذه الأصول لدعم أوكرانيا.
ونود أن نطلب من زملائنا الفرنسيين أن يوضحوا لنا في أي وثيقة قانونية - دولية يُسمح باستعمال الأرباح المستمدة من الممتلكات المسروقة.
سؤال: لقد قلتم، أنكم تعتزمون وترومون أولاً وقبل كل شيء، حل مسألة السفارات: السفارة الروسية في الولايات المتحدة وسفارة الولايات المتحدة في روسيا. هل توجد أي خطة لمناقشة المواضيع أو تسلسل القضايا التي ستناقش لاحقاً؟ قلتم إن ماركو روبيو مستعد للحديث عن موضوع تجميد الأصول. هل ستسوى المشكلة؟ وهل ستصر روسيا على إعادة هذه الأصول؟
لافروف: مسألة الأصول لا تمت بصلة بعمل السفارات فهي قضية على مستوى الدولة.
لقد أعلنا أن دبلوماسيتينا وخبرائنا رفيعي المستوى سيجتمعون وينظرون في المشاكل المنهجية التي تراكمت نتيجة للأنشطة غير القانونية للإدارة السابقة في خلق عقبات مصطنعة أمام أنشطة السفارة الروسية. بطبيعة الحال، قمنا بالمثل وخلقنا أيضًا ظروفًا غير مريحة لعمل السفارة الأمريكية في موسكو.
وسيعقد هذا الاجتماع غدا في إسطنبول. وأعتقد أنه وفقاً لنتائجه سيتضح مدى السرعة والفعالية التي يمكن أن نتحرك بها.
سؤال: ما هو تعليقكم على نتائج الانتخابات في ألمانيا؟ ما هي توقعات روسيا من سياسة فريدريش ميرتس؟
لافروف: لقد أدلينا بتعليقاتنا. وقدم سفيرنا في برلين، سيرغي نيتشاييف، تقييماته. نرى تغييرات في المشهد السياسي الداخلي في ألمانيا. هناك مرة أخرى يجري انقسام بين شرق وغرب هذا البلد.
إن الشرق يركز بشكل أكبر على معالجة المشاكل الداخلية، والتي تفاقمت بشكل كبير بسبب التزام ألمانيا المتهور بالعقوبات ضد روسيا. ويتفاقم هذا بسبب التراجع الجبان لألمانيا في أعقاب الهجمات الإرهابية على خطوط أنابيب الغاز نورد ستريم والوقف المخزي للتحقيقات اللاحقة. لقد قوضت مثل هذه الإجراءات الأسس القوية للاقتصاد الألماني، والتي مكنته منذ فترة طويلة من قيادة التقدم الأوروبي لعدة عقود. هذا هو اختيارهم. ونحن نعتقد أن الناخبين بدأوا في فهم الوضع ومواقف مختلف الجهات الفاعلة بشكل أفضل.
أما بالنسبة للسيد فريدرش ميرتس. فلديه مقاربات ذات صفة مميزة تجاه روسيا. فعلى سبيل المثال، انه وعلى عكس المستشار أولف شولتس، يصر على إرسال صواريخ توروس بعيدة المدى إلى الأوكرانيين للقيام بقصف عمق أراضي روسيا الاتحادية. وعندما يتبنى الألمان مثل هذه الأفكار بنشاط، فإنها تستحضر حتماً أوجه تشابه تاريخية. ولكن الألمان أنفسهم هم الذين ينبغي أن يكونوا أكثر دافعاً للتأمل في هذه الذكريات؟
قال فريدرش ميرتس مؤخراً إنه لا يجوز الاعتماد على الولايات المتحدة. ومن المؤكد أنها إما أن تزيل "مظلتها" النووية أو لا تستعملها، ولذلك، من الضروري التوصل إلى اتفاق جديد بين الأوروبيين (داخل أوروبا والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي) على أن فرنسا بريطانيا الدولتان النوويتان سيوفران من الآن فصاعدًا "المظلة النووية" لأوروبا، ولسنا بحاجة حتى إلى أن نناقش إلى أي مدى سيؤدي ذلك إلى "تحسين الوضع" في أوروبا.
وعلى هذا فإن السيد ميرتس يتبنى حالياً وجهات نظر عدوانية إلى درجة كافية. وفي كثير من الأحيان، عندما ينتقل المرشح إلى دور قيادي سياسي يؤدي وظيفته ــ في هذه الحالة، كمستشار ــ تصبح وجهات نظره أكثر واقعية. وسوف نلاحظ ما إذا كان هذا سيحدث إذا تولى السيد فريدريش ميرز منصب المستشار الألماني.