السيدات والسادة المحترمون،
جرت المباحثات مع زميلي وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف ، كما هو الحال دائمًا، بطريقة بناءة، وكانت مفيدة للغاية.
لقد نظرنا بالتفصيل في حالة وآفاق العلاقات الروسية ـ الإيرانية. وأكدنا ان الحوار السياسي، وبالدرجة الأولى على أعلى مستوى يرتدى طابعا مكثفا، واجرى رئيس الاتحاد الروسي فلاديمير بوتين ، ورئيس جمهورية إيران الإسلامية حسن روحاني في فبراير وأبريل، محادثات هاتفية، ونظرا بالتفصيل في حالة تعاوننا الثنائي، وآفاق التعاون اللاحق في الشئون الإقليمية والدولية.
وتمت الإشارة اليوم إلى أن العلاقات التجاريةـ الاقتصادية تتطور بصورة نشطة، على الرغم من العقوبات أحادية الجانب، وكراهية إيران التي تثيرها الولايات المتحدة، وعلى الخلاف منها. نحن نفهم هدف واشنطن: ترويع الدول الأخرى، واستخدام أساليب الابتزاز لإجبارها على التخلي عن التعاون المشروع والقانوني مع جمهورية إيران الإسلامية. ووفقًا لقناعة الاتحاد الروسي، فإن مثل هذا الخط – ومعنا في هذا الأغلبية المطلقة لأعضاء المجتمع العالمي - يتعارض مع القانون الدولي ومبادئ التجارة الحرة، وهو مظهر سافر من مظاهر المنافسة غير النزيهة.
اتفقنا على بذل جهود مشتركة من أجل الحفاظ على نمو مستقر في حجم التبادل التجاري. وأشارنا إلى الوتيرة الجيدة للتقدم في مشاريع محددة واسعة النطاق تم الاتفاق عليها أو تم تحديدها خلال الاجتماع الدوري للجنة الحكومية الثنائية للتجارة والتعاون الاقتصادي، الصيف الماضي في أصفهان. نحن نعمل على التحضير لاجتماعها التالي، المقرر عقده هذا العام في الاتحاد الروسي.
ونرحب باهتمام المناطق الروسية بتوسيع التعاون مع جمهورية إيران الإسلامية، وهو ما سنشجعه بجميع الوسائل.
أعطينا تقييمًا إيجابيًا للتعاون النامي بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
لدينا مواقف متطابقة أو قريبة للغاية بشأن القضايا العالمية والإقليمية الرئيسية. لا سيما، اعربنا عن الراي لصالح تعزيز أساس المبادئ القانونية للتعامل بين الدول، المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. وأشارنا إلى عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة.
ناقشنا بالتفصيل الوضع المتعلق بخطة العمل الشاملة المشتركة لتسوية البرنامج النووي الإيراني. وعلى الرغم من الخط غير البناء بشكل سافر للولايات المتحدة ، فقد أشارنا إلى أهمية الحفاظ على هذه الاتفاقية، التي تبقى عاملاً جادًا في تعزيز الأمن الدولي.
وتبادلنا وجهات النظر حول التسوية السورية. وأكدنا عدم وجود بديل للاتفاقات التي تم التوصل إليها في هيئة أستانا، وعلى وجه الخصوص، عنصر مكافحة الإرهاب فيها - مع الاحترام غير المشروط لسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية. وناقشنا مهام استقرار الوضع "على الأرض"، وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد النزاع في سوريا ، فضلا عن المساعدة على عودة اللاجئين السوريين والمشردين داخليا، وتقديم المساعدة الإنسانية للسكان المحتاجين.
وبالتعاون مع أصدقائنا الإيرانيين، سنواصل تنسيق المقاربات في قضية التسوية الأفغانية، بهدف إطلاق عملية المصالحة الوطنية في أقرب وقت ممكن، وإعادة إعمار أفغانستان المسالمة والمستقلة، التي لا تخرج من أراضيها تهديدات الإرهاب، ولا الإتجار بالمخدرات وغيرها.
نوقع اليوم وثيقة مهمة : إعلان الاتحاد الروسي وجمهورية إيران الإسلامية بصدد تعزيز دور القانون الدولي. نحن نعتبرها وثيقة ملحة للغاية، بالنظر إلى المحاولات المستمرة من قبل عدد من الدول لطرح مفهوم " النظام العالمي القائم على القواعد" الضار، الذي يقوض حجر الزاوية للعدالة والاحترام المتبادل الذي وضع أسلافنا مبادئها في أساس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
بشكل عام، أعتقد أن مباحثاتنا كانت في الوقت المناسب للغاية. أشكر زميلي وصديقي على قبوله دعوتنا، ووصوله إلى الاتحاد الروسي لهذه المحادثة المفيدة للغاية.
سؤال: أشار محمد جواد ظريف إلى جهود الولايات المتحدة لتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران، والضغط على الأمم المتحدة، ومجلس مدراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كيف تقيمون ممارسات الولايات المتحدة في هذا المجال؟ كيف يمكن لروسيا وإيران أن تتعاونا في إطار المنظمات الدولية لاحتواء الممارسات الأمريكية غير النزيهة وغير القانونية؟
لافروف: خطة العمل الشاملة المشتركة لتسوية البرنامج النووي الإيراني وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 ، الذي وافق على الخطة، هي وحدة لا تتجزأ.
عندما أنهت أوامر ومراسيم رئاسية في عام 2018 رسميا مشاركة زملائنا الأمريكيين في خطة العمل الشاملة المشتركة، فإنهم فقدوا جميع فرص وحقوق الدول الموقعة، المنبثقة عن التنفيذ النزيه لخطة العمل الشاملة المشتركة المنصوص عليها في القرار 2231. أن الولايات المتحدة من خلال عرقلة جميع المشاركين الآخرين الوفاء بالتزاماتهم في خطة العمل الشاملة المشتركة أمام إيران، تريد في الوقت نفسه معاقبة طهران من خلال الترويج لمبادرات غير مشروعة وغير قانونية على الإطلاق تتعلق، من بين أمور أخرى، بحظر توريدات الأسلحة. أعتقد أن هذه محاولة بوسائل خبيثة، وليس لها آفاق من وجهة نظر القانون الدولي. نحن نستخدم كل الفرص التي يوفرها هذا القانون الدولي لكي تنتصر العدالة.
إن المجموعة الكاملة لالتزامات إيران والمشاركين الآخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة هي وحدة كاملة لا تتجزأ. هذه حزمة لا يمكن تقويض جزء منها والإبقاء فقط على التزامات طهران، ومحاولة منع الأوروبيين وروسيا والصين وجميع دول العالم الأخرى من إقامة علاقات تجارية واقتصادية وغيرها مع إيران. أنا مقتنع بأن هذا الوضع واضح لأي أخصائي متمكن في مجال القانون الدولي.
يمكنني أن أؤكد لكم أننا سنفعل كل ما بوسعنا، حتى لا يتمكن أحد من تقويض الاتفاقات المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة. إذا كانت هذه الخطة لا تندرج في منطق الإدارة الأمريكية الحالية، وتعتبرها "صفقة سيئة"، فهذا هو موقفها. ولكن لا يمكن أن يكون لواشنطن أي حق في "معاقبة" إيران، من خلال المضاربة على مكانة مجلس الأمن الدولي، وفي الواقع التلاعب به ولحد ما بالأمانة العامة للأمم المتحدة. إن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بصدد الوضع المتعلق بالقرار 2231 يتجاوز بكثير سلطة الأمانة العامة للأمم المتحدة.
أن حقيقة "تسريب" هذا التقرير لوسائل الإعلام الغربية، في وقت واحد تقريبا مع نشره، تثير العديد من الأسئلة، وبالمناسبة فقد جرى أيضا "تسريب" تقرير المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل ماريانو غروسي الذي يناقشه الآن مجلس مدراء الوكالة، إلى وسائل الإعلام بشكل غير قانوني على الإطلاق.
أنا أعتبر أن مثل هذه الأعمال تهدف إلى خلق ذرائع مصطنعة لتبرير الهجمات غير القانونية على إيران. وأعتقد أن أولئك الذين يقفون وراء هذه الأعمال، ويشجعونها ويبادرون بها ، يتصرفون بشكل غير مستقيم ودنيء للغاية.
سؤال: سيرجي فيكتوروفيتش ، هل كان هناك رد فعل على رسالتكم الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش. هل لدى روسيا ثقة في أن أعضاء خطة العمل الشاملة المشتركة، وخاصة بريطانيا العظمى، سوف يبدون مقاومة موحدة للخطط الأمريكية؟
لافروف: لم يتم تلقي أي أجوبة بعد على رسالتي الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، وأُرسلت مثل هذه الرسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، لتوزيعها على جميع أعضاء هذه الهيئة. أنطلق من أنه عُرضت حجج جادة للغاية في الرسالة. وتم ذلك على خمس صفحات. آمل أن الرسالة تُدرس، وسيتم بعناية تحليل ودعم جميع تلك الحجج والبراهين المعروضة في هذه الوثيقة، التي لا يمكن دحضها.
لا يمكنني أن أضمن موقف الأعضاء الآخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة، في المقام الأول الأوروبيين ، الذين يتعرضون لضغوط هائلة من الولايات المتحدة، ويشمل هذا الضغط استخدام طرق غير لبقة تمامًا: التهديدات في المجال التجاري ـ الاقتصادي وفي مجالات أخرى من العلاقات بين الحلفاء في حلف شمال الأطلسي. حقيقة أن أولئك الذين يريدون دعم الولايات المتحدة، أو يحاولون مساعدة الولايات المتحدة جزئيًا، ليس لديهم حجج قانونية، واضحة للجميع. أنا مقتنع أنه وبغض النظر عن أي عضو آخر في خطة العمل الشاملة المشتركة سيكون جاهزًا لصد خطط الولايات المتحدة، فإن هذه الخطط لا يمكن أن تتحقق، لأنها تتعارض جذريا مع القانون الدولي.
سؤال: سيرجي فيكتوروفيتش متى ستفتح الحدود؟ يتكبد رجال الأعمال والسياح أضرارا جسيمة بسبب إغلاق الحدود.
لافروف: إن قضايا استعادة العلاقات في التجارة والاقتصاد والثقافة والسياحية وغيرها، ليست من ضمن اختصاص وزارة الخارجية. وسيكون من عدم الشعور بالمسؤولية من جانبنا، محاولة أخذ على عاتقنا مهام الأجهزة المسؤولة عن السلامة الوبائية للسكان.
لدينا اليوم الفرصة لعقد اجتماعي شخصيًا، ولكن مع الامتثال لجميع الاحتياطات. أما متى سيصبح هذا النظام هو القاعدة مرة أخرى، فإنه يعتمد على قرارات السلطات التي تضمن السلامة الوبائية.
سؤال: هل ستُعقد قمة أستانا التالية قبل استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية التي أعلنها زميلكم وزير الخارجية التركي مولود تشاووش اوغلو خلال مؤتمر صحفي أمس مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف؟ كيف تؤثر التجربة الناجحة لحفظ السلام الروسية في سوريا على الوضع في ليبيا؟
لافروف: أكدنا اليوم على اتفاق الرؤساء الثلاثة للدول المشاركة في هيئة أستانا، على أن تعقد القمة القادمة في هذه التشكيلة في طهران ضمن الإطار الزمني الذي سيتم تحديده، مع الأخذ بعين الاعتبار، بما في ذلك تطور الوضع المتعلق بعدوى فيروس كورنا. لقد دعمنا اقتراح عقد مؤتمر بالفيديو بمشاركتهم قبل الاجتماع المباشر للزعماء الثلاثة. سنتفق على تاريخه بسرعة كبيرة. وسيتم الإعلان عن هذا.
يمكن تماما ان نؤكد إمكانية عقد مؤتمر بالفيديو للزعماء الثلاثة قبل أن يجتمع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا جير بيدرسن مع فريق الصياغة للجنة الدستورية.
فيما يتعلق باستخدام تجربة حفظ السلام في سوريا في دول المنطقة الأخرى. أعتقد أننا يمكن أن نتحدث عن مثل هذه الإمكانية. وتنحصر الخبرة في حقيقة بسيطة للغاية: من الضرورة التواصل مع جميع أطراف النزاع، وتشجيعهم على الاجتماع معا، والجلوس إلى طاولة المفاوضات دون أي شروط مسبقة ومصطنعة والبدء في الاتفاق. لقد اتبعنا هذا الخط منذ البداية على طول الأزمة السورية، وفيما يتعلق بخطواتنا لدعم التسوية الليبية. للأسف، في المراحل الأولى من النزاع الليبي، عندما نظر مجلس الأمن الدولي في عام 2015 في القرارات المناسبة واعتمدها، حاول العديد من اللاعبين الخارجيين دفع مصالح جانب ليبي واحد فقط على حساب مواقف الطرف الآخر. وأدى ذلك إلى أن جميع الاتفاقيات، والعديد من المؤتمرات التي عقدت في دول مختلفة انتهت في النهاية بلا شيء. آمل أن يأخذ هذه التجربة في نظر الاعتبار المشاركون في مؤتمر برلين حول التسوية الليبية، الذي صاغ مع ذلك مقاربات وافق عليها جميع اللاعبين الخارجيين. الشيء الوحيد المتبقي هو إقناع الأطراف الليبية بوجوب الجلوس إلى الطاولة والبدء في الاتفاق. نحن نقوم بالضبط بذلك الآن، بما في ذلك في الاتصال بزملائنا الأتراك، كما أُعلن مؤخرًا.