من كلمة المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في المؤتمر الصحفي في 11 أبريل/ نيسان عام 2019
حول الوضع الراهن في سوريا
لا يكف مقاتلو " جبهة تحرير الشام" في منطقة تخفيف التصعيد في إدلب عن شن الهجمات على مواقع القوات الحكومية السورية. ويتواصل على حد السواء، مقتل العسكريين والمدنيين. وأحدث اطلاق النار على مستشفى في مدينة مصياف في محافظة حماة في 7 أبريل صدىً واسعا، حيث اسفر عن مقتل خمسة اشخاص وجرح 15 آخرين. وفي نفس اليوم قام حوالي 500 ارهابي بمحاولة فاشلة لاختراق منطقة دفاعات الجيش السوري في جبل اللاذقية. ومن اجل عدم السماح لمزيد من تدهورالوضع، نواصل سوية مع الجانب التركي تنسبق الجهود لتخفيف التوتر حول المنطقة منزوعة السلاح، والتي نصت عليها اتفاقيات سوتشي ذات الصلة. تم تناول الوضع في إدلب إلى جانب قضايا ملحة أخرى متعلقة بالتسوية السورية، خلال القمة الروسية ـ التركية التي انعقدت في موسكو في 8 أبريل.
يستمر العمل على إعادة توطين مخيم الركبان للمشردين داخليا الكائن منطقة الاحتلال الامريكي غير المشروع. وخلال الاسبوع الماضي نظم الجانب الروسي بالتنسيق مع السلطات السورية وبمشاركة شيوخ القبائل المحلية، إطلاق سراح حوالي 1500 من سكان المخيم. وتم تهيئة لكل منهم الظروف اللازمة التي تفي بالمعايير الانسانية الدولية لعودتهم الى أماكن إقامتهم الدائمة.
على هذه الخلفية لفت انتباهنا التقرير الذي قدمه مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية، والذي اشير فيه الى ان الدول المانحة لا تفي بالتزاماتها في الوقت المحدد في إطار برنامج تقديم المساعدات للسوريين. ومن أصل 3.3 مليار المطلوبة، تم لحد اليوم جمع 180 مليون دولار امريكي فقط. وبسبب نقص الموارد المالية، يجري تنفيذ برامج الامم المتحدة الانسانية بتاخير كبير عن الجدول الموضوع.
والمثل الواضح على عواقب مثل هذا النقص في التمويل ـ هو الوضع الفاجع في مخيم النازحين سيء السمعة "الهول"، حيث من المتوقع حدوث عجز كبير في الإمدادات الغذائية في الصيف المقبل. واعيد الى الذاكرة ان نقطة الاقامة المؤقتة هذه تقع في الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وأوصياؤهم الامريكيون. ان الكارثة الإنسانية التي تتكشف أمام أعيننا هناك ـ نجمت عن اخطاء الحسابات الفظة، للتحالف الدولي المناهض لداعش الذي تقوده الولايات المتحدة، خلال عملية مكافحة الإرهاب في جنوب ـ شرق سوريا.
وبهذه الصدد اود مرة اخرى أن اناشد المجتمع الدولي بمساعدة الشعب السوري في المهمة الصعبة المتمثلة في اعادة الإعمار في مرحلة ما بعد النزاع في البلاد. لقد حان الوقت لتخلي شركائنا الغربيين في نهاية المطاف عن المضاربة السياسية حول القضية الإنسانية البحتة، المتمثلة في تقديم المساعدة اللازمة للسوريين.
نحن نخطط لمناقشة " الجوانب" المعقدة للتسوية السورية، فضلا عن دفع العملية السياسية في سوريا، خلال اللقاء الدولي الثاني عشر المقبل بشان سوريا في " صيغة أستانا" في مدينة نور ـ سلطان. من المقرر عقد هذه الفعالية في نهاية أبريل من هذا العام، وسيتم الإعلان عن مواعيد محددة في وقت لاحق.
حول تطور الوضع في ليبيا
يستمر توارد التقاريرعن اشتباكات مسلحة على مشارف العاصمة الليبية بين التشكيلات التي تدعمها حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، والتشكيلات العسكرية، ووحدات الجيش الوطني الليبي التي يقودها خليفة حفتر. وتم الإبلاغ عن غارات جوية، بما في ذلك على المطار الدولي الوحيد الذي يعمل في طرابلس. وعلى وفق مصادر مختلفة، فان كلا الطرفين المتنازعين يمنون بخسائر في القوى البشرية والمعدات.
لا يوجد بين الجرحى والقتلى مواطنون روس. وينفذ موظفو السفارة الروسية في ليبيا في السنوات الأخيرة، بسبب التهديد الإرهابي في طرابلس، مهامهم من تونس المجاورة. نؤكد على توصية المواطنين الروس بالامتناع عن زيارة ليبيا لأسباب أمنية.
لقد ناشد المجتمع الدولي خلال الأسبوع الماضي، منذ بداية التدهور الحاد الحالي في الوضع، مرارًا الأطراف المتحاربة وقف الأعمال القتالية والجلوس على طاولة المفاوضات. وكان تصاعد التوتر في ليبيا موضوع نقاش في اجتماع مجلس الأمن الدولي.
في ظل هذه الظروف، تشير روسيا على الدوام من دون التباس إلى أنه لا يوجد بديل للتسوية السياسية القائمة على "خطة العمل" للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، وكذلك ضرورة التخلي عن اساليب القوة في الصراع على السلطة، وأهمية الجمع بين جهود جميع القوى السياسية العسكرية الليبية المسؤولة لمصلحة استعادة الوحدة باسرع وقت،وتشكيل مؤسسات دولة كاملة، قادرة على مواجهة الأولويات بفعالية بما في ذلك ، أولا وقبل كل شيء ، مكافحة الإرهاب.
أتذكر جيدًا أنه منذ عدة سنوات، عندما طرحت في مختلف الأشكال أسئلة، بما في ذلك الجانب الروسي، على الزملاء الغربيين، أولاً وقبل كل شيء على ممثلي فرنسا، حول إمداد ليبيا بالأسلحة، قيل لنا لا تقلقوا، كل شيء على ما يرام وتحت السيطرة. وتم تسليم الأسلحة كما يجب. اليوم نرى إلى ما أدى دعم المجتمع الغربي لما يسمى بالديمقراطية، ما يحدث للأسلحة في أراضي دولة كانت موجودة في السابق كدولة، والآن تسعى فقط للحصول على هذا الوضع. نحن نرى ، وهذه هي التقييمات الرسمية التي تعطيها الأمم المتحدة - العدد الهائل من الأسلحة في اراضي هذا البلد. أود أن أسمع من قال إن توريد الأسلحة في تلك السنوات لدعم العمليات الديمقراطية لا يشكل أي تهديد للسلام أو الاستقرار، سواء داخل هذه الدولة أو في المنطقة ككل.
بصدد الوضع في السودان
على خلفية الاحتجاجات المستمرة في السودان، تفيد المعلومات الواردة بأن الجيش احتل عددًا من المباني الحكومية في العاصمة. وتفيد التقارير أنه تم إلقاء القبض على بعض أعضاء قيادة الحزب الحاكم. واغلق الإنترنت في البلاد، وتوقف التلفزيون المركزي عن العمل المعتاد، وتم تعليق الرحلات الجوية من مطار الخرطوم الدولي.
وتأمل موسكو أن تتحرك جميع القوى السياسية السودانية،وكذلك اجهزة القوة، باقصى حد من المسؤولية، من أجل استقرار الوضع في أسرع وقت ممكن، ومنع تصعيده. ندعو إلى تسوية المشاكل التي نشأت داخل السودان بالوسائل الديمقراطية السلمية على أساس حوار وطني واسع.
بالنظر إلى التعقيدات في الوضع الأمني في السودان، توصي وزارة الخارجية الروسية بأن يمتنع المواطنون الروس في الوقت الحالي عن زيارة هذا البلد.