إحاطة المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على هامش منتدى المرأة الأوراسي الرابع، سانت بطرسبرغ، 20 أيلول/سبتمبر 2024
حول الوضع في لبنان
إننا نشعر بقلق بالغ إزاء التطورات الخطيرة التي تشهدها جمهورية لبنان، خاصة بعد أن قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية بتاريخ 19 أيلول/سبتمبر من هذا العام بشن سلسلة غارات واسعة النطاق على عدد من المناطق في جنوب لبنان.
وقبل ذلك، تعرض لبنان لمدة يومين متتاليين، بالتحديد في 17 و18 أيلول/سبتمبر، لهجمات سيبرانية إرهابية غير مسبوقة، أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين، بينهم أطفال، بالاضافة إلى إصابة الآلاف من المواطنين. نعم هذا لم يحدث من قبل وهذا أمر غير مسبوق في تاريخ المجتمع العالمي.
على الرغم من أنه كانت هناك هجمات إرهابية، أودت للأسف بحياة عدد كبير من الأشخاص، لكن هذا نوع جديد تمامًا من الإرهاب، يجمع بين امكانية الانتشار على نطاق واسع واستخدام التقنيات الجديدة ذات الطبيعة المدنية، ولكنها تستخدم لأغراض إرهابية. وفي هذا الصدد نعرب عن تعازينا القلبية لأسر الضحايا ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى. وهنا نؤكد مرة أخرى على أهمية التحقق من كافة ملابسات ما حدث.
وإذ نعرب عن تضامننا مع لبنان وندين بشدة الأعمال الإرهابية العدوانية المسلحة المرتكبة ضد هذا البلد ومواطنيه، والتي أدت إلى مقتل مدنيين وتدمير البنية التحتية الاجتماعية. ومما يثير القلق بشكل خاص ازدياد خطر يهدد باندلاع مواجهة مسلحة واسعة النطاق في الشرق الأوسط على خلفية هذه الأحداث.
في هذا السياق لفتنا الانتباه إلى تصريحات صدرت في إسرائيل حول مرحلة جديدة من الحملة العسكرية مع تحول التركيز إلى الاتجاه الشمالي. ونحن على اقتناع بأن بدء عملية عسكرية واسعة النطاق في لبنان سيكون له عواقب مدمرة على أمن الشرق الأوسط برمته. وبالنالي يجب تجنب مثل هذا السيناريو الكارثي.
ونحث مرة أخرى الأطراف المعنية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ووقف الأعمال القتالية. ونحن على استعداد للعمل بشكل وثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل تخفيف التوتر وتحقيق الاستقرار في الوضع العسكري السياسي.
سؤال: إذا عدنا إلى الأحداث في لبنان، وبالأخص إلى رد فعل الغرب فإنه من خلال التصريحات يعرب عن قلقه العميق، لكن هناك آلاف الأشخاص الذين تضرروا علماً أنه ليس لهم أي علاقة بشكل مباشر بحزب الله. ومع ذلك ما من جهة تدعو للعثور على الجناة أو إجراء تحقيق. ماذا يعني رد فعل الغرب هذا؟ وما مدى واقعية أن تحدث حرب واسعة النطاق في المنطقة؟
الجواب: سأبدأ بالسؤال الثاني. لقد تم نشر تعليق مفصل على موقعنا.
نحن نعتبر ما حدث بمثابة عمل آخر من أعمال الحرب الهجينة ضد لبنان. لقد تضرر بالفعل الآلاف من الأبرياء. ويبدو أن هدف منظمي هذا الهجوم عالي التقنية هو السعي عمداً إلى التحريض على اندلاع نزاع مسلح واسع النطاق ونقل المواجهة إلى مستوى جديد، من أجل إثارة حرب كبرى في الشرق الأوسط.
إننا ندين بشدة الهجوم غير المسبوق على لبنان الصديق ومواطنيه، والذي يشكل انتهاكاً صارخاً لسيادته وتحدياً خطيراً للقانون الدولي باستخدام أسلحة غير تقليدية. ونعرب عن خالص تعازينا لأسر الضحايا ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى.
لقد سعت روسيا دائمًا إلى بذل كل الجهود في هذا المجال لمنع حدوث انفجار كبير في الشرق الأوسط. لقد شهدت هذه المنطقة بالفعل الكثير من الأحداث العصيبة، وأريقت الكثير من الدماء، وأزهقت الكثير من الأرواح، لدرجة أن تفاقم الوضع مع خطر وقوع حرب كبيرة سيؤدي إلى كارثة عالمية.
أنتم سألتم لماذا الغرب يتفاعل مع هذه الأحداث بهذا البطء وبشكل لا مبالي. ولماذا تتصرف الولايات المتحدة بهذا الشكل – هذا واضح. لأنهم يرون أمامهم فشلاً آخر لسياستهم في الشرق الأوسط. الوقت ليس للخطابات الرناة أو المناسبات لتقديم التقارير الخاصة عشية الانتخابات، أو مكافأة بعضنا البعض. إنهم يقومون بزيارة بلدان المنطقة، ويحاولون بشكل فوضوي ربط الأشياء ببعضها البعض أو تصحيح المسارات، لكن لا يحققون أي نجاح. أقول هذا دون أي سخرية وتهكم. وأشير إلى فشل آخر لمحاولات الولايات المتحدة نمذجة الوضع على الطريقة الأمريكية في تلك المناطق التي لا علاقة لها بأمريكا، ولها بتقاليدها وتاريخها.
لماذا أوروبا صامتة؟ لماذا يصمت الاتحاد الأوروبي؟ هذا سؤال بإشارة استفهام كبيرة. في نهاية المطاف، ستؤدي الحرب الكبرى (إذا اندلعت في الشرق الأوسط) إلى عواقب كارثية بالنسبة للاتحاد الأوروبي. ومن تداعياتها تدفق الهجرة والأسلحة والعناصر الإرهابية والمتطرفة، مما سيجلب تحديات ومشاكل جديدة لأوروبا.
ولا تستطيع أوروبا أن تنجو من عواقب التجارب الغربية، على سبيل المثال، في ليبيا وسورية. تعرفون أنه على مدى عقد من الزمان، يعقد في كل عام مؤتمر البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا، وموضوعه الرئيسي هو ما الذي يجب فعله مع عواقب تلاعبهم وانتهاكات القانون الدولي والتدخل القسري غير المشروع ....إلخ.
لكنهم لا يطرحون هذا السؤال بهذه الطريقة ولا يسألون على من يقع اللوم، ولا يتحدثون عن كيف يمكن تجنب حدوث ذلك مرة أخرى. تخيلوا لو أن كل شيء انفجر في الشرق الأوسط الآن. إلى أين سيذهب اللاجئون؟ بالطبع سوف يتوجهون إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط . والحديث يدور عن اليونان وإيطاليا (تركيا تعرف كيف ترد على مثل هذه التحديات). لقد اعترف الاتحاد الأوروبي بالفعل بعجزه عن حماية حدوده وتطبيق على اللاجئين المعايير الأوروبية الجديرة المعلنة الخاصة بحماية حقوق الإنسان. يجب عليهم أولاً أن "يقرعوا الأجراس". واسمحوا لي أن أذكركم باقتباس من فتاة نجت من أحد معسكرات الاعتقال: "الإرادة مشلولة والعقل ضائع".
لماذا لا يطالب الغربيون بإجراء تحقيق؟ هناك عبارة مشهورة تُنسب إلى العديد من الأشخاص: "الشيء الرئيسي في أي تحقيق هو عدم الوقوع في قفص الاتهام". وربما لهذا السبب لا تطالب أوروبا بعقد المؤتمر.
إن تورط الغرب في انفجار الوضع في الشرق الأوسط أمر واضح. وذلك من خلال ممارسة سياسة غير عقلانية وتطبيق "الديمقراطيات" وفقًا لنموذجه الخاص، وفرض قيم ليبرالية متطرفة غريبة على الناس، وتوريد الأسلحة، والانعطاف الدائم 180 درجة لتغيير الأساليب المتبعة لحل المشاكل. يأتي فريق رئاسي إلى البيت الأبيض ويقدم عرضاً، وبعد ذلك يأتي فريق رئاسي ثاني ويقدم عرضاً مختلفًا تمامًا.... وهكذا دواليك.
انظروا كيف تم التلاعب مع إيران، قاموا بإبرام صفقة معها ثم نقضوها، ثم أرادوا أن يبرموا صفقة مرة أخرى. لقد تلاعبوا بالتسوية الفلسطينية الإسرائيلية أيضاً، تارة لتسويتها بهذه الطريقة وتارة بطريقة أخرى، وتارة بالمال وتارة بالقوة. نعم من الواضح أن التحقيق ضروري. لكن حقيقة التزام الغرب بالصمت بشأن المطالبة بإجراء تحقيق دولي (كما يفعل عادة) تشير إلى تورطه حتماً.
سؤال: أفادت وسائل الإعلام الروسية أن إدارة الاستخبارات العامة التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية بدأت التعاون مع الجماعة الإرهابية "هيئة تحرير الشام" في إدلب. وأن هناك بالفعل 250 مدربًا عسكريًا أوكرانيًا يقومون بتدريب عناصر "هيئة تحرير الشام" على إنتاج وتحديث الطائرات المسيرة، وأن كييف زودت المسلحين بالطائرات المسيرة، وتحاول أيضًا تجنيد مسلحين لنقلهم إلى أوكرانيا.
ونظراً للموقع الجغرافي والواقع العسكري السياسي لإدلب، أود معرفة ما إذا كانت موسكو قد ناقشت هذه المسألة مع أنقرة؟ ففي نهاية المطاف، لولا مساعدة تركيا، لم يكن من الممكن لا للطائرات المسيرة ولا لهذا العدد الكبير من المدربين الأوكرانيين الوصول إلى هؤلاء الإرهابيين في إدلب. وبنفس الطريقة، لا يمكن للارهابيين من إدلب الوصول إلى أوكرانيا إلا بمساعدة تركيا، كما حدث ذلك خلال حرب 44 يومًا عام 2020 في قره باغ.
الجواب: نحن نقوم بالتنسيق مع شركائنا الأتراك بشأن عملية التسوية الشاملة في سورية، سواء على أساس التعاون الثنائي أو في إطار الآليات الجماعية القائمة، وفي المقام الأول ضمن صيغة أستانا. ونحن بشكل عام، راضون عن التعاون الروسي التركي في هذا المجال.
في الوقت نفسه، لا تزال هناك صعوبات في "منطقة خفض التصعيد بإدلب" في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها والمسجلة في مذكرة التفاهم الروسية التركية المؤرخة في 17 أيلول/سبتمبر 2018 والبروتوكول الملحق الإضافي للاتفاقية بتاريخ 5 آذار/مارس 2020. الحديث يدور، من بين الأمور الأخرى، حول ضرورة ضمان انسحاب الارهابيين الناشطين في "منطقة خفض التصعيد بإدلب"، التي لا تخضع لسيطرة السلطات الرسمية.
ووفقاً للمعلومات الواردة، فإن الأجهزة الأمنية الأوكرانية تتعاون بشكل وثيق مع هذه الجماعات الإرهابية. وعلى وجه الخصوص، يقوم مبعوثون من إدارة الاستخبارات العامة التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية بزيارة هذه المنطقة لإجراء اتصالات مع قادة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقًا)، المدرجين في قائمة العقوبات الموحدة لمجلس الأمن الدولي. بهدف تجنيد المتطرفين للمشاركة في الأعمال العدائية ضد القوات الروسية في منطقة العملية العسكرية الخاصة والقيام بهجمات إرهابية، بما في ذلك على أراضي روسيا الاتحادية. هناك تقارير عن هجمات يُزعم أن القوات الخاصة الأوكرانية نفذتها استهدفت المنشآت العسكرية الروسية في سورية، والتي لا يمكن تنفيذها إلا بالتنسيق الوثيق مع الإرهابيين الناشطين على الأراضي السورية.
لقد أشرنا في السابق مرارًا وتكرارًا إلى حقائق تؤكد التعاون بين كييف ومختلف الجماعات الإرهابية حول العالم تحت رعاية أجهزة المخابرات الغربية. هناك رغبة إجرامية لدى عصابة المجلس العسكري لنظام زيلينسكي في "ترويض" المتطرفين وتوجيه طاقتهم التدميرية لمحاربة روسيا الاتحادية.
نحن نعتبر هذا الوضع بمثابة تأكيد للجوهر الإرهابي الحقيقي لنظام كييف، والذي أصبح واضحًا بشكل متزايد للأغلبية في هذا العالم. ونرى أنه من الضروري التأكيد مرة أخرى على أن مغازلة الإرهابيين لا تشكل خطراً مباشراً على السلام والاستقرار فحسب، بل تخلق أيضاً مخاطر جسيمة لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم. وهذا يصب في "حصالة" الإمكانات الإرهابية العالمية، وبالتالي هذه مشكلة عالمية.
سؤال (ترجمة من الإنكليزية): هل تعمل روسيا مع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية؟ هل هناك أي تعاون؟ هل لدى روسيا علاقات تسمح بالعمل والتعاون بين إدارة شمال وشرق سورية والحكومة المركزية في سورية؟
الجواب: قبل كل شيء، أود أن أشير إلى أن روسيا الاتحادية تلتزم بشكل صارم بقواعد ومبادئ القانون الدولي المبنية على أساس ميثاق الأمم المتحدة، خلال ممارسة الأنشطة المتعلقة بالسياسة الخارجية. وإذا تحدثنا عن العلاقات بين الدول، فإن روسيا تبني هذه العلاقات مع الجمهورية العربية السورية وحكومتها المعترف بها دولياً.
أما بالنسبة لإدارة شمال شرق سورية التي ذكرتها، فقد نشأ هذا الكيان المعلن بشكل ذاتي خلال المرحلة التي شهدت ذروة عدوان الإرهاب الدولي على الجمهورية العربية السورية، وفقدان دمشق السيطرة على جزء من الأراضي الوطنية وما تلا ذلك من احتلال أجنبي لهذه المناطق. ولم تحصل هذه الإدارة على اعتراف من قبل السلطات الرسمية في البلاد.
في الوقت نفسه، ومع الأخذ بعين الاعتبار الطلبات الحالية للحصول على المساعدة الروسية في إقامة حوار بين حكومة الجمهورية العربية السورية والسلطات المعلنة ذاتياً في شرق الفرات من أجل الاسراع لاستعادة وحدة الأراضي السورية، فقد ساهمت روسيا بشكل فعال في تنظيم وإجراء هذا النوع من التواصل بين السوريين.
ومع ذلك، وكما أشرنا مراراً وتكراراً، فإن الإدارة تتعرض لضغوط مباشرة من الولايات المتحدة، التي تتواجد قواتها العسكرية في المناطق التي يسيطر عليها هذا الكيان. لقد أحبط الأمريكيون، على مدى فترة طويلة، جميع الاتفاقات التي تم التوصل إليها، بما في ذلك من خلال الوساطة الروسية، وذلك من خلال استخدام أساليبهم المفضلة.
سؤال (ترجمة من الانكليزية): كيف هي حال العلاقات بين روسيا وكردستان؟ هل هناك أي خطط لتحسينها؟
الجواب: تتمتع روسيا بعلاقات ودية تقليدية مع إقليم كردستان العراق باعتباره جزء لا يتجزأ من العراق الموحد. وفي هذا الاطار تعمل منذ عام 2007، القنصلية العامة الروسية بنجاح في عاصمة إقليم كردستان - أربيل. وتتطور عمليات تبادل الوفود ويتم إنشاء علاقات تجارية مثمرة. وهناك مصلحة مشتركة في مواصلة بناء مثل هذه العلاقات.
سؤال (ترجمة من الانكليزية): هل هناك خطط لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أو أي مسؤول آخر رفيع المستوى، بشأن زيارة كردستان أو العراق فيما يتعلق بهذه الصراعات لإيجاد حل لها؟
الجواب: لا أستطيع التحدث عن معلومات محددة بهذا الشأن. أود أن أذكركم أن آخر مرة قام فيها وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف بزيارة أربيل كانت في تشرين الأول/أكتوبر 2019، وبغداد في شباط/فبراير 2023. كما قام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بزيارة رسمية إلى روسيا في تشرين الأول/أكتوبر 2023. بمعنى آخر هناك اتصالات مكثفة، وأنا هنا أتحدث عن حقائق من اللقاءات الأخيرة.